قال له أبو الحسن (عليه السلام): ويحك لو وضع إيمان أبي طالب في كفة، ووضع إيمان الخلائق في الكفة الأخرى، لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم جميعا.
قال له المتوكل: ومتى كان مؤمنا؟
قال له: دع ما لا تعلم واسمع ما لا ترده المسلمون جميعا ولا يكذبون به:
إعلم; إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حج حجة الوداع، فنزل بالأبطح بعد فتح مكة، فلما جن عليه الليل أتى القبور - قبور بني هاشم - وقد ذكر أباه وأمه وعمه أبا طالب، فداخله حزن عظيم عليهم ورقة، فأوحى الله إليه أن الجنة محرمة على من أشرك بي، وإني أعطيك يا محمد ما لم أعطه أحدا غيرك، فادع أباك وأمك فإنهم يجيبونك ويخرجون من قبورهم أحياء لم يمسهم عذابي لكرامتك علي، فادعهم إلى الإيمان بالله وإلى رسالتك وإلى موالاة أخيك علي والأوصياء منه إلى يوم القيامة فيجيبونك ويؤمنون بك، فأهب لك كل ما سألت وأجعلهم ملوك الجنة كرامة لك يا محمد، فرجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: قم يا أبا الحسن فقد أعطاني ربي هذه الليلة ما لم يعطه أحدا من خلقه في أبي وأمي وأبيك عمي، وحدثه بما أوحى الله إليه وخاطبه به، وأخذ بيده وصار إلى قبورهم فدعاهم إلى الإيمان بالله وبه وبآله (عليهم السلام) والإقرار بولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين والأوصياء منه، فآمنوا بالله وبرسوله وأمير المؤمنين والأئمة منه واحدا بعد واحد إلى يوم القيامة. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عودوا إلى الله ربكم وإلى الجنة، فقد جعلكم الله ملوكها، فعادوا إلى قبورهم، فكان والله أمير المؤمنين (عليه السلام) يحج عن أبيه وأمه وعن أب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمه حتى مضى، ووصى الحسن والحسين (عليهما السلام) بمثل ذلك، وكل إمام منا يفعل ذلك إلى أن يظهر الله أمره.