مذهب السيوطي، وماتوا على هذا المذهب.
وذهب ابن أبي الحديد إلى التوقف في شرح نهج البلاغة بعد أن روى أبيات كثيرة لأبي طالب تدل على إيمانه، والعجب من فساد هذا المذهب.
ولعمري إن آمنة من كبار النساء، ومن أشراف النسوة المكرمات، وإنها من أعلى العرب نسبا وحسبا، سطع نور فخرها إلى السماوات العلى، وهبت رياح عطرها في كل ذرات الهواء، فلها الفضل الجميل، ولم يسمع لها بمثيل، أذاقنا الله من أسرار نفحاتها، وأعاد على من آمن بها وبإيمانها من بركاتها ورحماتها.
والعجيب أن الواقدي ومن شاكله من علماء السنة والجماعة رووا أخبارا في ولادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تشعر في الغالب بجلالة قدر آمنة وصلابة إيمانها منها: أن كعب الأحبار اليهودي قال لمعاوية: إني قد قرأت اثنين وسبعين كتابا... وإنه لم يولد نبي قط فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى وأحمد صلوات الله عليهما، وما ضرب على آدمية حجب الجنة غير مريم وآمنة، ولما حملت آمنة به تباشر أهل السماوات (1).
ولا شك أن الله يأبى أن يساوي بين امرأة كافرة وأخرى مؤمنة مثل مريم ويكرمهما بنفس التكريم، فما الفرق بين الإيمان والكفر حينئذ؟ وأي ميزان سيميز بينهما في العبودية؟!
وذكر هذا الشرف في حق فاطمة أيضا التي صارت وعاء للأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ونالت فضيلة الأمومة للأولياء الكاملين.
وهكذا كان الوعاء الشريف الذي ضم الوجود المحمدي السعيد، عظيما في ذاته، تميز بالمزايا الذاتية والأصالة الفطرية، فحسدتها لذلك نساء مكة وتمنين