لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا» (1).
والخلاصة: إن الله تعالى جعل بقدرته الكاملة الشمس والقمر - مثلا - للإشراق والإشعاع على الأجسام، فتتربى الأجسام وتنمو بواسطة هذين النيرين الأعظمين وتصبح مرئية مشهورة وترتفع عنها الظلمة الصورية، وكذا خلق هذه الأنوار الحقة وابتدعها لتشرق وتشع بنور الهداية على النفوس المؤمنة والهياكل الرحمانية فتستضئ قوالب قلوبهم بنور قبول الولاية حسب القابليات شدة وضعفا، فيمشي الخلق كل حسب مقدار معرفته في سبيل الهداية، ويختارون الصراط المستقيم - وهو معرفتهم واتباع أحكامهم - ويعتقدون بهذه الأنوار أنها باب معرفة الله تبارك وتعالى، فمن زاغ عنهم ولم يجعلهم دليلا وحجة لمعرفة الله ولم يقتف آثارهم ويتبع أحكامهم، فقد سار في وادي التيه حتى يرد البرهوت ويهوى من هناك في الهاوية. ومن جعل تلك الأنوار الطيبة دليلا إلى الله واقتفى آثارهم واتبع أحكامهم ولم يتخط تعاليمهم، فقد سلك سبيل الهداية وصار عارفا بالصفات الإلهية الكمالية، كل بحسبه درجات بعضها فوق بعض، وكلما كان اتباع آل محمد أكثر، والجهد المبذول في اقتفائهم أشد، كان معرفة النورانية أكثر والله يعطي كلا حسب قابليته واستعداده، فيعطي الطفل الرضيع ثدي الأم، والفرخ الماء والحب، والزنبور التدبير والترتيب، والعنكبوت بيته المنسوج، وإلى ما شاء الله مما يحير العقول ويجعلها عاجزة عن إدراكها، وهداية كل شيء بحسبه، وهداية هذا الخلق بهذه الوسيلة، وهو الذي يعطي كل مستحق حقه، فلو أنك كفرت بأنعم الله، وهي أتم وأكمل النعم، وهي نعمة الوجود المقدس النبوي والفاطمي والعلوي; قال