وإذا كان التواضع للداعي الأول فلابد أن يكون للفقير والغني على حد سواء صورة ومعنى، لا كمثل بعض التواضعات المعهودة في زماننا التي يواجه بها السادة الفقراء صورة وظاهرا وهي في الواقع إهانة.
ولا يجوز التواضع لغير الطائفتين المذكورتين (١) من قبيل التواضعات المعتادة في هذا الزمان، الناشئة جميعا من حب الجاه والنخوة والتظاهر بالشؤونات والاعتبارات الدنيوية الموجبة للفتنة والفساد والمحن العظيمة; والمتواضع والمتواضع له كلاهما في ضلال، ألا ينبغي على الناس الاقتداء بسيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ولكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ (2) وهو الأرأف بأمته من ألف والد شفيق، فلم يتغافلون عن اتباعه في مكارم الأخلاق، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقوم لفاطمة الطاهرة.
وقد أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - بأمر السماء - بتعظيم السادة وتكريم الذرية الطاهرة، فمن أكرمهم بهذه النية فقد أكرم الكل بإكرامه الجزء، وكذا يكون إكرام المؤمن من باب العلقة المعنوية، ولا سبيل إلى التعظيم في غير هذين الموردين. وسيأتي مفصلا إن شاء الله ثواب تجليل السلسلة المقدسة وشؤوناتها.
أجل; لقد نهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن التمثل، وهو القيام بين يدي الجبابرة.
نعم; إن الله جل وعلا جعل كل خير وهداية متطفلا على وجود هذه الأسرة الكريمة، وجعل سبب نجاة العالم منوطا بهذه العصابة الفاطمية الطيبة، وبهم بدأ وبهم يختم، ولا يصل أحد إلى أي خير إلا بواسطتهم، ولو اختار أحد أي مذهب أو