وتراها سهلة هينة في رضا الله، ومثل هذه الأم لابد أن تكون وعاء للإمامة والخلافة الإلهية العامة لأنه لا يوجد - ولن يوجد - محل قابل مثل هذا المحل، ولهذا انحصرت هذه النعمة الكبرى والموهبة العظمى بوجودها المقدس، الله أعلم حيث يجعل رسالته.
وكما قدر الله للإمامة أن تكون في ثمرة الرسالة، فالخلافة والإمامة أمر أودع الله فيه جميع خيرات الأولين والآخرين، وجعلها في ظلها وناتجة عنها، توجد بوجودها، ولذا قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومأواه ومنتهاه» (1).
فكل خير يعود إليهم ويصدر منهم، ولا يكون إلا بسبب وأهلية فاطمة وأبي فاطمة وبعل فاطمة وأولاد فاطمة وذرية فاطمة المعصومين (عليهم السلام)، وذكر فضائلهم وخصائصهم كافة خارج عن القدرة الكلامية والكتابية لكل شيء مما سوى الله، وإذا ما ذكر شيء منها فإنما هو من باب «الميسور لا يسقط بالمعسور» ولولا ذلك فبالله أقسم إن كانت الآجام والأشجار أقلاما، والبحار مدادا، والجن حساب، والإنس كتاب، لما أحصوا فضائل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل لا يمكن استيفاء حق البيان بهذه الآلات والأسباب العاجزة «وأنا عاجز عن الكلام، والخلق عاجزون عن السماع».
كيف أذكر مناقب من إذا ذكر الذاكر فضيلة من فضائلهم مع اعتقاده بها، أوجبت له غفران ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وسماعها يوجب غفران الذنوب التي اكتسبها السامع بالسمع، والنظر إليها إليها يوجب غفران الذنوب المكتسبة