عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقتلوهم وسبوهم ونهبوهم، مع ما لهم من الشرف والمنزلة عند الله، ومع ما جعل الله في عداوتهم من الشقاء، إضافة إلى فرط محبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة وبعلها وبنيها، والله الذي أمر بمحبتهم، فكم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني. وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله يغضب بغضب علي (عليه السلام). وكتب سيد الأولياء في كتابه البليغ إلى ولده الحسن (عليه السلام): «وجدتك بعضي، بل وجدتك كلي، حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني..» (1) ومنه يعلم غاية اتحاده بأولاده وشدة علاقته بهم (عليهم السلام)، بل يفيد غاية الإتحاد بين كل أب وابن صالحين ونسبة الابن إلى الأب والأم نسبة الروح والنفس والقلب والكبد ونور العين، بل هو عامة وجوده وحقيقته، والابن أحب إلى الأب وألصق به وأقرب إليه من غيره، ويشهد لذلك «أولادنا أكبادنا». وكم من أم تتمنى الموت قبل أن ترى ولدها مصابا، بل تطلب الموت حقا ولا تكتفي بالتمني كما في قصة العجوز جاءت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد بعثت بولدها مع خاتم الأنبياء إلى غزوة تبوك ونال الشهادة هناك، فلما سمعت توسلت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعو لها لتلتحق بولدها، والحديث طويل سنذكره بعد قليل لتعرف مقدار علاقة الأمهات بأبنائهن، ومنه تعرف مدى علاقة السيدة فاطمة الطاهرة بأبنائها، ومدى حبها لهم، مع أن حبها يفوق آلاف المرات حب غيرها، لأنه كان محض استحقاق وأهلية، وحبهم حب الله، فلابد أن يكون حبهم أشد وآكد فضلا عن الجهات والمؤهلات الأخرى، مع أنها كانت تعلم بما سيجري عليهم وترى ما يصب عليهم من المصائب، ولكنها كانت ترضى انطلاقا من مقام التسليم والرضا في سبيل الله،
(٤٤٢)