متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته: انظروا لامتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد آمنت شيعتها من النار، وإني لما ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنع إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها وهي تنادي: يا محمداه فلا تغاث، فلا تزل بعدي محزونة مكروبة باكية تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة، وتتذكر فراقي اخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تسمع إليه إذا تهجدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول: إن الله اصطفاك وطهرك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، ثم يبتدي بها الوجع فتمرض، فيبعث الله عز وجل إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علتها، وتقول عند ذلك: يا رب إني قد سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي، فيلحقها الله عز وجل بي، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلل من أذلها، فخلد في نارك من ضرب جنينها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك آمين.
وأما الحسن فإنه ابني وولدي ومني وقرة عيني وضياء قلبي وثمرة فؤادي، وهو سيد شباب أهل الجنة وحجة الله على الأمة، أمره أمري وقوله قولي، من تبعه فإنه مني ومن عصاه فليس مني، وإني لما نظرت إليه تذكرت ما يجري عليه من