وأي امرأة من نساء الدنيا ممن وصفت في القرآن الكريم كان لها هذا الشأن بحيث تكون الحصى لها طعاما مطبوخا لذيذا؟! وهي مع كل تلك القدرة تصبر على الشدائد والنوائب والجوع.
روى في كتاب الأربعين: اشتد بالحسنين الجوع وأخذ منهما مأخذا (1) وبعد مرور ثلاثة أيام طلبوا من أمهم - ناموس الله الأكبر - شيئا يأكلاه وليس في بيت فاطمة (عليها السلام) من شيء، فكانت المخدرة الكبرى تسليها في كل مرة وتقول: سيأتي جدكما ويحمل لكما شيئا، فيذهبان ويعودان مرة أخرى ويبكيان، فتصدع قلب فاطمة لضعفهما وجرت الدموع من عينيها، قامت إلى جفنة وجمعت فيها الحصى وصبت فيها الماء وأشعلت النار تحتها لتشغلهما حتى يغلي الماء، وقالت: يا ريحانتي رسول الله ويا روح أمكما، صنعت لكما طعاما إصبرا حتى ينضج ما في القدر، فكانا يخرجان ساعة ويعودان ويقولان: يا أماه أحضري لنا الطعام إن نضج، وتعللهما فاطمة الطاهرة وتصبرهما وتقول: الآن وضعته على النار، إصبرا ساعة حتى ينضج، فقام الحسن (عليه السلام) إلى القدر ورفع عنه الغطاء، وقال: يا أماه أحضري لنا شيئا منه إن كان ناضجا أو بعد لم ينضج، فأخذت فاطمة صحفة وعمدت إلى القدر وهي تقول: العجب إن كان هذا الطعام ناضجا. فلما رفعت غطاء القدر وإذا فيه طعام فاح قتاره، فاغترفت منه وقدمته لهما فأخذا يأكلان، فقامت فاطمة (عليها السلام) وجددت وضوءها ووقفت تصلي ركعتين شكرا لله، وكانت كلما وقعت فاطمة