أبا حسن لو كان حبك مدخلي * جهنم كان الفوز عندي جحيمها وكيف يخاف النار من كان موقنا * بأن أمير المؤمنين قسيمها ورأيت من المناسب أن أذكر في طي هذا الكلام فضيلة من فضائله التي تعد من آثار قدرة الرب تبارك وتعالى، وإن كانت فضائله (عليه السلام) بأجمعها معاجز، وأرجو أن أرحم بنص الحديث الشريف «من كتب فضيلة من فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) وجبت له الجنة» (١) وإن كان الفرد يعجز عن إدراج واحد من الآلاف المؤلفة من فضائله (عليه السلام) «وأين الثريا من يد المتناول»؟
روى المرحوم المجلسي (قدس سره) في كتاب السماء والعالم، عن القاضي أبي الحسن الطبري مسندا إلى ميثم التمار (رضي الله عنه)، قال: كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ دخل غلام وجلس في وسط المسلمين، فلما فرغ من الأحكام نهض إليه الغلام وقال: يا أبا تراب أنا إليك رسول، جئتك برسالة تزعزع لها الجبال من رجل حفظ كتاب الله من أوله إلى آخره وعلم علم القضايا والأحكام، وهو أبلغ منك في الكلام، وأحق منك بهذا المقام، فاستعد للجواب ولا تزخرف المقال، فلاح الغضب في وجه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال لعمار: اركب جملك وطف في قبائل الكوفة وقل لهم: أجيبوا عليا لتعرفوا الحق من الباطل، والحلال والحرام والصحيح من السقيم، فركب عمار، فما كان إلا هنيئة حتى رأيت العرب [كما قال الله تعالى: ﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون﴾ (2)] فضاق جامع الكوفة وتكاثف الخلق تكاثف الجراد على الزرع الغض في أوانه، ونهض العالم