وقال في ذلك آخر:
إذا افتخرت خزاعة في قديم * وجدنا فخرها شرب الخمور وباعت كعبة الرحمن جهرا * بزق بئس مفتخر الفخور (1) واستقام أمر قصي وعلا صيته، ورتب قريشا على منازلها في النسب بمكة، وبين الأبطحي وهم الأباطح، وجعل الظاهري ظاهريا، وقريش البطاح هي قبائل عبد مناف وبني عبد الدار وبني العزى بن قصي وغيرهم، وهو أول من أسرج الضياء في المشعر الحرام، وبه سمي المشعر مشعرا، وهو أول من دفن في الحجون، ولا زال قبره هناك في مقبرة المعلى، ولي هنا - أنا الحقير - كلام مع إخواني في الإيمان ينبغي أن لا يبقى طي الكتمان ولا يحتجب خلف ستائر الوجدان، وهو أن هذا الدين المتين وهذا الشرع المبين الذي مشى عليه العلماء الواعين والعقلاء الأعزاء ذوي الجاه، وصرفوا في سبيله أعمارهم العزيزة عن علم، وأكدوا على الناس وشددوا عليهم في حفظه والتحفظ عليه، وبينوا لهم ما في هذا الطريق من مخاطر ومخاوف وما فيه من فوائد وثمرات دنيوية وأخروية وبعد كل هذه الجهود والتضحيات، أي إنصاف ومنهج يصحح أن يفرط به بكل يسر وسهولة، وتباع الآخرة بالدنيا الدانية وتستبدل بجرعة وغرفة من المشروبات الفانية النتنة الدانية، وبعبارة أخرى: بيع الدين الباقي بالدنيا الفانية بعيد عن طريق الرشاد والسداد، وهذا البائع لا شك خاسر خائب مهجور، ولا شك أنه سيعض أنامل الندم ويخلد في أسفل دركات النيران.
يا رب ثبت قدمي وقلبي * سبحانك اللهم أنت حسبي