التماثيل حين خرج إلى الشام ورأى قوما يعبدون الأصنام فأعطوه منها صنما فنصبه على الكعبة، وقويت خزاعة وعم الناس ظلم عمرو بن لحي، وفي ذلك يقول رجل من جرهم كان على دين الحنيفية:
يا عمرو لا تظلم بمكة * إنها بلد حرام سائل بعاد أين هم * وكذاك تخترم الأنام وبني العماليق الذين * لهم بها كان السوام والعجيب أن الله أمهله، فعمر عمرو بن لحي ثلاثمائة سنة وخمسا وأربعين سنة، فرأى من الولد وولد الولد ألفا، ولم يزدد إلا تعنتا وظلما، فقال في ذلك سحنة بن خلف الجرهمي:
يا عمرو إنك قد أحدثت آلهة * شتى بمكة حول البيت أنصابا وكان للبيت رب واحد أبدا * فقد جعلت له في الناس أربابا لتعرفن بأن الله في مهل * سيصطفي دونكم للبيت حجابا أمهله الله فلم يرعو، بل تمادى في عتوه وطغيانه لسكان الحرم ومجاوريه وسكانه، وكان قصي قد تزوج بمليكا ابنته، وكان عمرو قد جعل ولاية البيت إلى ابنته زوج قصي بن كلاب، فقيل له: إنها لا تقوم بفتح الباب وغلقه، فجعل ولاية البيت إليها وفتح الباب وغلقه إلى رجل من خزاعة يعرف بأبي غبشان الخزاعي، فباعه أبو غبشان إلى قصي ببعير وزق خمر، فأرسلت العرب ذلك مثلا، فقالت «أخسر من صفقة أبي غبشان» وفي بيعه لولاية البيت ببعير وزق من الخمر ونقله ولاية البيت من قومه من خزاعة إلى قصي بن كلاب يقول الشاعر:
أبو غبشان أظلم من قصى * وأظلم من بني فهر خزاعة فلا تلموا قصيا في ثراه * ولوموا شيخكم إذ كان باعه