(التجارب). وقد ذهب البعض إلى أن الأول ليس فيه كمال ونقص، وأن الزيادة والنقصان في العقل الثانوي فحسب، ولذا قالوا: العقل ما عقلك عما لا يعنيك، والعاقل من يضع الشيء في موضعه، وأن التجربة مرآة العقل - كما يقول الخواص والعوام - وهو ما قصد بالمعنى اللغوي للعقل، وهو تعريف توصيفي من قبيل «العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان»، وإلا ففي حقيقته خلاف من أنه نور، أو قوة، أو ملكة، أو نفس ناطقة... وغير ذلك.
والعقل ضده الحمق، والحمق الكساد، يقال أحمقت السوق أي كسدت، والأحمق كاسد العقل، وبعبارة أخرى: الأحمق: من لا عقل له، والحمق داء لا دواء له كما قال الشاعر:
لكل داء دواء يستطب به * إلا الحماقة أعيت من يداويها والعقل أعز الأشياء فإذا فقد الشخص هذا الجوهر الشريف صار أبغض الناس عند الله وأحمقهم عند الخلق و ﴿إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون﴾ (1).
وأجد - أنا الفقير العاجز الجاهل - نفسي فقدت زمام قلمي في هذه الخصيصة العقلية، فسرحت ألتقط من كل مشرب ومذهب نظما ونثرا وكلمة مستطرفة، وأسجلها دون الإستمداد من مورد مرتب أو عنوان مبوب، فابتعدت عن المقصود، والأفضل أن أعود إليه من جديد فأقول:
* * * إن العقل النوراني الفاطمي كان في كمال التمام، وتمام الكمال منذ بدو الإيجاد والإبداع، والسبب الكلي في ذلك ارتباطه واتصاله بجوهر العقل النبوي والعلوي