البدن دائما دؤوبا في عبادة الرحمن واكتساب الجنان ورضوان الله.
ومن علامات هذا العقل الكامل أن يقوم بالأعمال الشاقة والخارقة للعادة والرياضات البدنية، وتضمحل فيه الجهات الباطلة، ويصير محضا في رضا الحق، بحيث لا يلحظ في أي لحظة وآن وبأي عضو من أعضائه وجزء من أجزائه سوى الحضرة الكبريائية والعظمة اللا متناهية الإلهية، والساحة الربوبية.
وعليه نقول في حق فاطمة الطاهرة ﴿فبأي حديث بعده يؤمنون﴾ (1):
«وبأي عقل يهتدون، وهي أكبر حجج الله على خلقه، وهي الكتاب الذي كتبه بيده، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموعة صور العالمين، وهي المختصرة من العلوم في اللوح المحفوظ، وهي الشاهد على كل غائب، وهي الحجة على كل جاحد، وهي الصراط المستقيم إلى كل خير، والصراط الممدود إلى الجنة والنار».
* * * وفي الحديث: «العقل هو أول خلق من الروحانيين» فإذا أضاء وأفاض في أي وجود حفظه من الهلاك.
والعقل من العقال، وهو الحبل الذي تشد به ركبة البعير ليبرك ولا يتحرك، والتعقل إشارة إلى هذا المعنى أيضا. ولقد أجاد من قال:
إذا أكمل الرحمان للمرء عقله * فقد كملت أخلاقه ومآربه وأفضل قسم الله للمرء عقله * وليس من الأشياء شيء يقاربه قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العقل يصعد بصاحبه إلى عليين (2).