بل كانت بذاتها الشريفة تربي النفوس الناقصة، وتأدب أرباب العقول الكاملة، فجوهر ذاتها المقدسة منزه مؤدب منذ اليوم الأول، كما ذكرنا سابقا.
وسنذكر في هذا المقام مجملا عن آداب معدن الكمال والأدب; ليكون شاهد صدق ينتفع به القراء.
وقبل الدخول في ذلك نود أن نشرح معنى الأدب أولا:
فالأدب كما في كتب الأخلاق: تهذيب الأقوال والأفعال وتحسين الأخلاق، بحيث يكون الظاهر عنوان الباطن، والباطن موافقا للظاهر.
يعني: أن يحكي ظاهره باطنه، ويظهر باطنه على ظاهره.
يعني: أن يكون القلب متحليا بحلية الذكر، والأعضاء والجوارح متزينة بزينة الأعمال الصالحة في آداب الشريعة المطهرة.
وببيان آخر: الأدب ضربان: أدب مع الخلق، وأدب مع الخالق.
أما الأدب مع الخلق فقد ورد ذكره في كثير من آيات القرآن في موارد عديدة حسب حالات الأشخاص والمكلفين، كقوله تعالى: ﴿خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين﴾ (١).
وقوله تعالى: ﴿فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث﴾ (٢).
وقوله تعالى: ﴿من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم﴾ (3).