صدرت وبرزت عن هذه الأسرة; لنعرف بالتدريج المصدر الأصلي والمبدأ الأولي الذي انطلقت منه، ونحاول التمسك بالإنصاف لمعرفة أسباب ذلك من كتب الشيعة وكتب أهل الخلاف ومعرفة مفاسد أفرادها لنعرف من أين وممن؟ ولأجل ماذا؟
ومنذ متى ظهرت كل هذه الآثار منهم؟!
فنقول: إن العناد الفطري والعداوة الأصلية مترسخة في طينة أعداء آل العصمة، ولكن مناشئ العناد والفساد بدأت تظهر آثارها بالتدريج في هذا العالم.
ففي السنة الأولى من الهجرة سجل أمير المؤمنين كل تلك المواقف المخلصة، فنزلت في كل واحدة منها آية، ولم تنزل في حق ذاك ولا آية واحدة سوى ما نزل في المهاجرين عامة من آيات معدودات. وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يشمل عليا (عليه السلام) بعناياته الخاصة دائما ويجلله بألطافه ويشكر له مواقفه، كمبيته على فراش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحمله بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة، ومقاتلته دونها، ومجاهداته في الطريق، وكان انتظار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قدوم أمير المؤمنين (عليه السلام) في قبا، وسد الأبواب الشارعة في المسجد كلها إلا بابه، وتزويجه ابنته، ومؤاخاته، ونزول الآيات المباركات في شأنه، والإشارة بمواقفه وخدماته العظمى في السنين الأولى من الهجرة، كل هذا وغيره كان يزيد - يوما بعد يوم - في عناد الأعداء وحسدهم.
ومن جهة أخرى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشكو عائشة إلى أبي بكر وأنها تؤذي فاطمة وتقول لها كيت وكيت ليمنعها أبوها، وهي لا تمتنع، بل كانت تقيس نفسها بخديجة وترى أنها خير منها، فلما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة من علي (عليهما السلام) وولد الحسنان، كانت ترى اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) البالغ وعنايته الخاصة بهما، فاشتعلت