عيسى اندر مهد دارد صد نفير * كه جوان ناگشته ما گشتيم پير أقول: ولا يبعد أن الله قد أكمل عقلها في صغرها، وهي العاقلة في بدو الخلقة والساجدة بعد الولادة، كما أكمل عقل عيسى ابن مريم في صغره، وجعلها مباركة لنماء الخير ومباركة لدوامها على الإيمان والتوحيد والعبادة والطاعة، كما قال المسيح: ﴿وجعلني مباركا أينما كنت﴾ (١). وما كان إقرارها بالعبودية في أول الولادة إلا لإبطال الشرك وإرغام عبدة الأصنام في مكة المعظمة، مثل ما قال عيسى ابن مريم (عليهما السلام): (إني عبد الله) لإبطال قول من يدعي له الربوبية، فأنطقه الله بعلمه بما يقول الغافلون فيه.
وأما إقرارها بنبوة أبيها وإمامة بعلها وبنيها، فهو للبر بالوالدين وأداء الشكر لنعمة التربية كما هو الحق، وللإعلان بأنها على دين أبيها وبعلها، وبأن ولدها المعصومين هم خلفاء الله في الأرضين إلى يوم الدين. قال الله تعالى حكاية عن عيسى ابن مريم ﴿وبرا بوالدتي﴾ (٢). ولعمري إنها البارة بالوالدين والمشفقة عليهما بما لا أذن سمعت ولا عين رأت.
وقال عيسى ابن مريم (عليهما السلام): ﴿وآتاني الكتاب وجعلني نبيا﴾ (3) وإنها (عليها السلام) صاحبة المصحف المكرم (4)، الذي آتاها وأوحى إليها به الروح الأمين، وهو المخزون عند الأئمة وهم ينظرون فيه ويستنبئون من أخباره وآثاره، وهو الآن عند