المكرمة زلزال عظيم حتى تهاوت الصخور من على أبي قبيس، فخرج أبو طالب (عليه السلام) فعلا مرتفعا وقال: «إلهي وسيدي أسألك بالمحمدية المحمودة، وبالعلوية العالية، وبالفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرحمة والرأفة» فسكنت الأرض، وحفظ الناس هذه الكلمات وأخذوا يدعون بها في الشدائد والبلايا دون أن يعرفوا المقصود منها.
لا يخفى ولا يخفى; أن أعظم وأقوم وأجلى وأظهر مكاشفات وتجليات شفيعة العرصات وسيدة الكائنات ما كان في مكة المكرمة من دعاء أشرف البريات صلوات الله وسلامه عليه أمام أنظار الملأ من المنافقين والمشركين من أهل مكة الوارد في الحديث الآتي، وهذا الحديث الشريف لوحده كاف لبيان جلالة قدرها وعلو مقامها ورفعة رتبتها، وهو من المعاجز الباهرة للحضرة النبوية المقدسة.
وقد ورد الحديث في المجلد السادس من بحار الأنوار عن كتاب تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ننقل منه موضع الحاجة لطول الحديث:
لما سأل مشركو مكة وأبو جهل من النبي معاجز نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وقالوا: «فإن كنت نبيا فأتنا بآية كما تذكر عن الأنبياء قبلك مثال نوح الذي جاء بالغرق ونجا في سفينته مع المؤمنين، وإبراهيم الذي ذكرت أن النار جعلت عليه بردا وسلاما، وموسى الذي زعمت أن الجبل رفع فوق رؤوس أصحابه حتى انقادوا لما دعاهم إليه صاغرين داخرين، وعيسى الذي كان ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم»...
فقسمهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أربع فرق، وقال للفريق الرابع ورئيسهم أبو جهل:
وأنت يا أبا جهل فأثبت عندي...