هذه الأخبار والآثار المتظافرة الواردة عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) في أوصاف المخدرة الكبرى وفي إثبات عصمتها وطهارتها تدل جميعا على أنها لا نظير لها.
أجل: كانت مريم المعصومة الطاهرة نظير فاطمة في هذا العالم من حيث العصمة، أما في غيرها فكيف يمكن أن تناظر فاطمة في المقامات والمراتب والفضائل الذاتية والخارجية وتصل إلى مقامها الشامخ، ففاطمة حجبت القلب عما سوى الله وقطعت عرى المحبة عن كل فرد فرد من أجزاء هذا العالم، ولم تر شيئا سوى الله، ولم تفكر إلا به وبرضاه. ونعم ما قيل:
«جمالك في عيني وذكرك في فمي * وحبك في قلبي فأين تغيب» وقال الشاعر:
طلب الحبيب من الحبيب رضاه * ومنى الحبيب من الحبيب لقاه فسبحان من خصها بأعظم الفضائل، وميزها عن خلقه بأكرم الخصال، وشرفها، ورفع قدرها، وأكرمها، وأكثر نسلها، وجعل كل حال من أحوالها آية باهرة، وكل طور من أطوارها معجزة ظاهرة وكرامة زاهرة، ونعم ما قيل:
ولو كان النساء بمثل هذي * لفضلت النساء على الرجال والهدف الأول هو الله لا الدنيا ولا الآخرة، والمطلوب والمقصود المحبوب هو الله وحده لا سواه، ولهذا اصطفاها الله وانتجبها وفضلها على نساء العالمين وأعطاها السيادة.
وسيتضح للقراء من خلال حديثنا عن الملكات الشريفة للعصمة الكبرى، كيف كانت سيدة نساء العالمين تتعبد الله في عالم الإمكان وفي هذا الزمان المحدود من عمرها المبارك، وكيف أنها لازمت التقوى وطلبت رضا الله وتمحضت في العبودية،