والخلاصة: إن لازم الإنفصال والانقطاع عن الخلق الإتصال والإلتحاق بالخالق، وقد ظهر معنى الاسم والمسمى وتجلى الإنفطام والإنفصال عما سوى الله والاتصال بالمولى في وجودها الحق سلام الله عليها.
وقد قلت مرة على المنبر: إن فطام فاطمة الزهراء (عليها السلام) عام وخاص.
أما العام: فانقطاع المحبة عن كل ما سوى الله.
وأما الخاص: فتسليمها ورضاها بشهادة ولديها، تلك الشهادة التي كانت تسمع نبأها من مصدر الوحي ومعدن الصدق منذ يوم الأزل حتى انعقاد النطفة الزكية وإلى الولادة. فتقطع قلبها عن محبتها وتبكي لتلك الأخبار الموحشة للطبيعة البشرية، مع أن دعوتها كانت مجابة إلا أنها رجحت رضا الحبيب على رضاها وعاشت على ذلك وبكت له، ولم تنم عنها كلمة تخالف الإرادة الإلهية مع أنها كانت مجابة الدعوة. وأما قوله تعالى: ﴿فحملته كرها ووضعته كرها﴾ (1) فإشارة إلى طبيعتها البشرية، وهي من المقتضيات الكاملة لوجودها الإنساني.
وما أصعب أن ترضع الأم وليدها وتفطمه وتربيه وتكبره وهي تعلم بالقطع واليقين كيف سيذوقن الشهادة.
فالأشد والأصعب من ذلك كله شهادة ولدها وعزيزها المحسن صلوات الله عليها وعلى والدها وبعلها وبنيها.
أين سخن پايان ندارد أي جواد * ختم كن والله اعلم بالرشاد (2)