حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) (1).
وعلى أي حال فالأشياء لا تخرج عن أحد الأمور الخمسة التالية:
إما أن يكون الشئ خيرا محضا، أو يكون شرا محضا، أو يكون الخير والشر معا بالتساوي ولكن الخير غالب، أو يكون الشر غالبا أو يكونان متساويين.
أما القسم الأول: أي يكون الشئ خيرا محضا، فمثل عالم الروحانيات التي لم يلحظ فيها الشر أصلا، ومنه الأنبياء والأولياء ومنهم الصديقة الكبرى والعصمة العظمى، فهي مبرأة وعارية بالحقيقة من الشرور والمفاسد منذ اليوم الأول; لأن الله خلقها خيرا محضا وصلاحا صرفا، فليس للشر والفساد إليها سبيلا، ولهذا فالأفضل أن تستعمل لها صيغة البناء للمجهول فيقال «فطمت عن الشر»، أي أنها قطعت عن كل شر وفساد ظاهرا وباطنا، وكانت تلك المخدرة منبع الخيرات ومصدر البركات، ولم يكن في وجودها المبارك شئ من الشرور والمعاصي والملكات الذميمة، ولا يتصور ذلك في حقها، بل لا يتصور احتمال ارتكاب المخالفة في حقها، وكانت كذلك منذ الأزل لمقتضى الصلاح والحكمة.
أما إذا قيل فطمت بالبناء للمعلوم، فيعني أن فاطمة (عليها السلام) هي التي أبعدت نفسها عن الشرور، وهذا الإبتعاد يحتاج إلى تأييد من الله جل وعلا.
قال العلامة المجلسي (رحمه الله): ويمكن أن يقال: إنها فطمت نفسها وشيعتها من النار وعن الشرور، وفطمت نفسها عن الطمث، ولكون السبب في ذلك ما علم الله من محاسن أخلاقها ومكارم خصالها فالإسناد مجازي» (2).