عن الأخلاق والأفعال الذميمة، أو يقال على الثالث: لما فطمتك عن الأدناس الروحانية والجسمانية فأنت تفطم الناس عن الأدناس المعنوية (1)، انتهى كلامه (رحمه الله).
أقول: بعد التشبث بذيل عنايات المرحوم المجلسي طاب ثراه فإن لي وجها آخر قد يكون وجيها في نظر أهل الخبر.
أولا: إن قوله «فسماها» و «ثم» متفرع على نزول الملك وإجراء اسم فاطمة على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسماها (صلى الله عليه وآله وسلم) على حسب ما جرى من الملك على لسانه، ومن ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «فطمتك بالعلم» أي بالعلم الأزلي الإلهي، أو بعلمي السابق فطمتك عن سائر النساء بهذا الاسم، يعني إني أعلم أنك فاطمة وأنك قطعت عن سائر النساء في كل شئ، ولكني تريثت أنتظر الوحي لئلا يكون قد حصل بداء; لأن هذا الملك قد أجرى الاسم على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعلم القديم، فالتفت وقال: إنك أنت فاطمة المقطوعة والمصطفاة على الفواطم التسعة ونساء عالمك بل نساء الأولين والآخرين، وكان هذا في علمي فطمتك بما كنت أعلم.
ويفهم من عبارة «فطمتك عن الطمث» وتذييل الإمام ب «الميثاق»، أن العهد والميثاق كان من اليوم الأول على طهارتك من كل الأدناس والأرجاس الظاهرة والباطنة.
وقوله: «بالعلم» قد يكون متعلقا بالعلم الإلهي أو بالعلم النبوي، ولا مشاحة لإمكان الجمع بينهما.
ولا يمكن أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطم الطمث ولا فاطم فاطمة عن الفواطم وعن النساء، بل كلاهما راجعان إلى الله تبارك وتعالى وهو الفاطر والفاطم،