كفاطمة (عليها السلام)، وقد جمع فيه حصيلة أربعين سنة من عمره في التفسير والأخبار وطلب العلم والحكمة، فكان كما قال الشاعر:
ألفاظه درر وأغنت بحليتها * أهل الفضائل عن حل وعن حلل كم فيه من حكم بالحق محكمة * تحي القلوب ومن حكم ومن مثل والحق يقال: أنه كان كنز العرفان، ومخزن الإيقان، ومجمعا لمناقب سيدة النسوان، ومنبعا لآداب نبي آخر الزمان.
ولربما قيل: أنه لم يؤلف مثله أحد من العلماء المتقدمين، ولم يأتي بمثله المتأخرين، وهذه منقبة إلهية لا تكتسب بجهد، ولا تنال بعهد.
وهب إني أقول الصبح ليلا * أيعمى الناظرون عن الضياء فلو نظر إليه الأجلة من أهل العلم والفن، والنبلاء من أهل المنبر والوعظ، والخبراء من ذوي الرأي بعين الرضا، وقديما قيل: «وعين الرضا عن كل عيب كليلة» لوجدوه كمثل جنات وعيون، لكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، وفاكهة كثيرة مما تأكلون، ومنها تشربون، وفي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.
فاسلكه تهدى إلى دار السلام غنا * وتحط فيها بما ترجو من العمل ولكن أسفا وألف أسف أن الأجل لم يمهله حتى يتم تأليف هذا الكتاب، فاكتفى بقوله «إنما الأعمال بالنيات»، وعمل ب «الإمتثال فوق الأدب»، فرحل إلى ربه وأحال الباقي إلى ذمة الآخرين.
قد صنف للعلم المكرم في الورى * مجموعة يروي القلوب غمامها