السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٣
إن صدقت رؤياك تخرج من الإيمان إلى الكفر وأما أنا فإن ذلك ديني جمع لي في أثر الناس إلى يوم الحشر وبعثت إليه صلى الله عليه وسلم أم الفضل زوجة العباس أم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم لبنا في قدح شربه أمام الناس فعلموا أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن صائما ذلك اليوم الذي هو التاسع أي لأنهم تماروا عندها في صيامه صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم الذي هو يوم عرفة وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يوم عرفة أي وبهذا استدل أئمتنا أنه لا يستحب للحاج صوم يوم عرفة الذي هو التاسع من ذي الحجة فلما تم صلى الله عليه وسلم خطبته أمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا فصلاهما مجموعتين في وقت الظهر بأذان واحد وإقامتين أي لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقم بمكة إقامة تقطع السفر لأنه دخلها في اليوم الرابع وخرج يوم الثامن فقد صلى بها إحدى وعشرين صلاة من أول الظهر يوم الرابع إلى عصر الثامن يقصر تلك الصلوات فالجمع للسفر كما يقول إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه كالجمهور لا النسك كما يقول غيرهم أقول وفيه أن فقهاء ذكروا أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة في حجة الوداع مع عزمه على الإقامة أياما أي تقطع السفر لعدم استيطانه ويرد بأنه من أين أنه صلى الله عليه وسلم عزم على الإقامة بمكة المدة التي تقطع السفر هذه دعوى تحتاج إلى دليل وأيضا عزمه على ذلك إنما هو بعد عوده إلى مكة بعد فراغه من الوقوف والرمي ولا ينقطع سفره إلا بوصوله إلى مكة والأولى استدلال فقهائنا على وجوب الاستيطان في إقامة الجمعة بعد أمره صلى الله عليه وسلم لأهل مكة بإقامة الجمعة مع أنهم غير مسافرين لعدم استيطانهم للمحل فما ذهب إليه إمامنا الشافعي رضي الله عنه من أن الجمع للسفر لا للنسك في محله وقد رأيت أن مالكا رضي الله تعالى عنه سأل أبا يوسف وقد كان حج مع هارون الرشيد وذلك بحضرة الرشيد فقال له ما تقول في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات يوم الجمعة أصلي ظهرا مقصورة فقال أبو يوسف صلى جمعة لأنه خطب لها قبل الصلاة فقال مالك أخطأت لأنه لو وقف يوم السبت لخطب قبل الصلاة
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»