السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣١٨
ما استدبرت ما سقت الهدى قال ويروي أن قائل ذلك هو صلى الله عليه وسلم فعن جابر ابن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم لما تم سعيه قال لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم اسق الهدى وجعلتها عمرة قال ذلك جوابا لقول بلغه عن جمع من الصحابة ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر وفي لفظ وفرجه يقطر منيا أي قد جامع النساء أي وفيه أنهم لا ينطلقون إلى منى إلا بعد الإحرام بالحج لأنهم يحرمون من مكة إلا أن يقال مرادهم أنا كيف نجامع النساء بعد إحرامنا بالحج وكيف نجعلها عمرة بعد الإحرام بالحج كما سيأتي في بعض الروايات وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غضبان فقلت من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار فقال أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون وقوله صلى الله عليه وسلم لو استقبلت الخ تأسف على فوات أمر من أمور الدين ومصالح الشرع كذا قال الإمام احمد رضي الله تعالى عنه لأنه يرى أن التمتع أفضل ورد بأنه لم يتأسف على التمتع لكونه أفضل وإنما تأسف عليه لكونه أشق على أصحابه في بقائه محرما على إحرامه وأمره لهم بالاحلال وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لو تفتح عمل الشيطان محمول على التأسف على فوات حظ من حظوظ الدنيا فلا تخالف ويروى أنه صلى الله عليه وسلم لما بلغه تلك المقالة قام خطيبا فحمد الله تعالى فقال أما بعد فتعلمون أيها الناس لأنا والله أعلمكم بالله وأتقاكم له ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت هدبا ولا حللت وفي رواية قالوا كيف نجعلها عمرة وقد سمينا الحج فقال صلى الله عليه وسلم اقبلوا ما أمرتكم به واجعلوا اهلالكم بالحج عمرة فلولا أني سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم به ففعلوا وأهلوا ففسخوا الحج إلى العمرة وكان من جملة من ساق الهدى أبو بكر وعمر طلحة والزبير وعلى رضي الله تعالى عنهم فإن عليا كرم الله وجهه قدم إلى مكة من اليمن ومعه هدى وعن جابر رضي الله تعالى عنه لم يكن أحد معه هدى غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي كرم الله وجهه انطلق وطف بالبيت وحل كما أحل أصحابك فقال يا رسول الله أهللت كما أهللت فقال له ارجع فأحل
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»