السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٥
وفي كلام بعضهم نزلت * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) * يوم الجمعة بعد العصر والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء فكاد عضد الناقة يندق من ثقل الوحي قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما اتفق في ذلك اليوم أربعة أعياد عيد للمسلمين وهو يوم الجمعة وعيد اليهود وعيد النصارى وعيد للمجوس ولم تجتمع أعياد لأهل الملل في يوم قبله ولا بعده ولما نزلت بكى عمر رضي الله تعالى عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا عمر فقال رضي الله تعالى عنه أبكاني أنا كنا في زيادة أما إذا كمل فإنه لا يكمل شيء إلا نقص فقال صدقت فكانت هذه الآية نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يعش بعدها إلا ثلاثة أشهر وثلاثة أيام ولم ينزل بعدها شيء من الاحكام ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه خلفه ودفع إلى مزدلفه وقد ضم زمام راحتله القصواء التي خطب عليها في نمرة حتى إن رأسها ليصيب طرف رجليه يسير العنق حتى إذا وجد فسحة سار النص وهو فوق العنق هو يأمر الناس بالسكينة في السير فلما كان في الطريق عند الشعب الأبتر نزل فيه فبال وتوضأ وضوءا خفيفا ثم ركب حتى أتى المزدلفة التي هي جمع أي وتقدم أن وقوفه صلى الله عليه وسلم بعرفات وإفاضته إلى مزدلفة قبل ان يبعث كان مخالفا في ذلك لقوله وصلى المغرب والعشاء مجموعتين في وقت العشاء أي مقصورتين بأذان واحد وإقامتين ثم اضطجع وأذن للنساء والضعفة أي الصبيان أن يرموا ليلا أي أن يذهبوا من مزدلفة إلى منى بعد نصف الليل بساعة ليرموا جمرة العقبة قبل الزحمة وعن ابن عباس رضي الله عنهما فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس فليتأمل ذلك فعن عائشة رضي الله عنها أن سودة رضي الله عنها أفاضت في النصف الأخير من مزدلفة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرها بالدم ولا النفر الذين كانوا معها وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفه أهله وروى ذلك الشيخان ولم يأذن صلى الله عليه وسلم للرجال في ذلك إلا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم أي فالمراد بالضعفة
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»