ومنها: جرت سفينة نوح باسمه صلى الله عليه وسلم. قال: وقال قوم: إن معنى الميم محق الكفر بالإسلام. أو محى سيئات من اتبعه. وقيل الميم: من الله على المؤمنين. بمحمد صلى الله عليه وسلم. دل عليه قوله تعالى: (لقد من الله على المؤمنين). وقيل: الميم: ملك أمته به صلى الله عليه وسلم. وقيل:
المقام المحمود. وأما الحاء فقيل: حكمه بين الخلق بحكم الله تعالى. وقيل إحياء الله تعالى أمته به. وأما الميم الثانية فمغفرة الله تعالى لأمته. واما الدال: فهو الداعي إلى الله تعالى، قال الله تعالى: (وداعيا إلى الله بإذنه).
وأما وقوع الأحرف على هذا الشكل الخاص فقيل: لأن الله تعالى خلق الخلق على صورة محمد صلى الله عليه وسلم فالميم بصورة رأس الإنسان والحاء بمنزلة اليدين، وباطن الحاء كالبطن وظاهرها كالظهر ومجمع الأليتين والمخرج كالميم، وطرف الدال كالرجلين. وفي ذلك أنشدوا رحمهم الله تعالى:
له اسم صور الرحمن ربي * خلائقه عليه كما تراه له رجل وفوق الرجل ظهر * وتحت الرأس قد خلقت يداه وفيه تكلف.
قال القاضي رحمه الله تعالى: وفي تسميته صلى الله عليه وسلم محمد وأحمد من بدائع الآيات وعجائب الخصائص: أن الله تعالى حمى أن يسمى بمحمد وأحمد غيره صلى الله عليه وسلم قبل زمانه.
أما أحمد الذي في الكتب وبشرت به الأنبياء فمنع الله بحكمته أن يسمى به أحد غيره ولا يدعى به مدعو قبله، حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب أو شك. وكذلك محمد أيضا لم يسم به أحد من العرب ولا من غيرهم، إلى أن شاع قبيل وجوده صلى الله عليه وسلم أن نبيا يبعث اسمه محمد. كما روى الطبراني والبيهقي عن محمد بن عدي بن ربيعة أنه سأل أباه: لم سماه محمدا في الجاهلية؟ فقال: خرجت مع جماعة من بني تميم فنزلنا على غدير ماء، فأشرف علينا الديراني فقال لنا: إنه يبعث منكم وشيكا نبي فسارعوا إليه. فقلنا له: ما اسمه؟
قال: محمد. فلما انصرفنا ولد لكل منا ولد فسماه محمدا لذلك.
الغدير: النهر: والجمع غدران. وشيكا: سريعا وقريبا.
والذين سموا بهذا الاسم في الجاهلية دون العشرين. وحمى الله تعالى هؤلاء أن يدعى أحد منهم النبوة أو يدعيها أحد له أو يظهر عليه شئ من سماتها، حتى تحققت لنبينا صلى الله عليه وسلم.
محمد بن أحيحة، بضم الهمزة وفتح الحاءين المهملتين بينهما تحتية ساكنة، ابن الجلاح بضم الجيم وتخفيف اللام وآخره مهملة، ابن الحريش بفتح الحاء المهملة وكسر الراء ثم مثناة تحتية، ثم شين معجمة. وقال ابن هشام رحمه الله تعالى: إنها مهملة.