فتلك فعال المصطفى وخلاله * وحسبك أفعال له وخلال لقد كان فعل الخير قرة عينه * فليس له فيما سواه مجال والقائل أيضا:
يا مولد المختار أنت ربيعنا * بك راحة الأرواح والأجساد يا مولدا فاق الموالد كلها * شرفا وساد بسيد الأسياد لا زال نورك في البرية ساطعا * يعتاد في ذا الشهر كالأعياد في كل عام للقلوب مسرة * بسماع ما نرويه في الميلاد فلذاك يشتاق المحب ويشتهي * شوقا إليه حضور ذا الميعاد وزعم الإمام العلامة تاج الدين الفاكهاني المالكي - رحمه الله تعالى - أن عمل المولد بدعة مذمومة وألف في ذلك كتابا قال فيه: الحمد لله الذي هدانا لاتباع سيد المرسلين، وأيدنا بالهداية إلى دعائم الدين، ويسر لنا اتباع آثار السلف الصالحين، حتى امتلأت قلوبنا بأنواع علم الشرع وقواطع الحق المبين، وطهر سرائرها من حدث الحوادث والابتداع في الدين. أحمده على ما من به من أنوار اليقين، وأشكره على ما أسداه من التمسك بالحبل المتين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين صلاة دائمة إلى يوم الدين.
أما بعد: تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول ويسمونه المولد: هل له أصل في الشرع أو هو بدعة حدثت في الدين؟
وقصدوا الجواب عن ذلك مبينا والإيضاح عنه معينا. فقلت وبالله التوفيق: ما أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار الصالحين المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون، بدليل أنا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجبا، أو مندوبا، أو مباحا، أو مكروها أو محرما. وليس بواجب إجماعا، ولا مندوبا، لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع ولا فعله الصحابة ولا التابعون المتدينون فيما علمت. وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى إن عنه سئلت. ولا جائز أن يكون مباحا لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين، فلم يبق إلا أن يكون مكروها أو حراما وحينئذ يكون الكلام فيه في فصلين والتفرقة بين حالين: أحدهما: أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله لا يجاوزون ذلك الاجتماع على أكل الطعام ولا يقترفون شيئا من الآثام