سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٨٩
رشقا عنيفا متداركا فقال هجام صدقت في قولك ثم إن الامام أفرد الف رجل بالدروق يمنعون عن أصحابهم واخذ فرقة وجعلهم حول المنجنيق يجرون الاحبال وامر بقية القوم ان يقفوا صفوفا بأسلحتهم وعدتهم ثم انه اخذ حجرا عظيما ووضعه كفة المنجنيق وامر الرجال بجر الاحبال وتعلق بكفته وهو ينشد ويقول حجارة نازلة من ذا البطل * دامعة ترمي الأعادي بالأجل صنعها الشهم ابن عم المصطفى * مدموم الكفار من كل بطل (قال الراوي) فلما فرغ الامام من شعره صاح بالرجال وأمرهم ان يسرعوا بشد الحبال والتكبير لذي العزة والجلال فكبر القوم بجمعهم وشدوا الحبال فارتفع الحجر في الهواء بإذن الله وعلا علوا عظيما ثم انه أمرهم ان يحطوا الحبال من أيديهم ففعلوا ما أمرهم به فانقض الحجر من كفة المنجنيق وله دوي كدوي الرعد القاصف وازداد في الهواء ارتفاعا عظيما ثم وقع على الحصن فنزل على اثنين فهشمهما فلم يتحرك منها أحد فذهل القوم عند ذلك وحار واندهشوا مما حل بهم والتفت هجام إلى جويرثة وقال له الا تنظر إلى هذه الحيلة العظيمة التي نصبت فبينما هم في الحيرة وإذا بالامام اخذ حجرا آخر ووضعه في كفة المنجنيق وأوصى الرجال بجر الحبال ثم جرت الرجال الحبال وكبروا ثم أرسلوا الحجر من أيديهم فهوى الحجر إلى السماء ثم سقط في الحصن فوقع على جماعة من النساء فأهلكهم فعلا في الحصن وكثر الصياح والصراخ فلما نظر هجام إلى ذلك قال وحق المنيع لقد رمانا أمرهم الغلام بداهية عظيمة فأين المنيع اليوم يمنعه عنا وعن نصرته فبينما هم كذلك حائرون إذ اخذ الامام صخرة عظيمة ووضعها في كفة المنجنيق ثم إن الامام أمرهم ان يفعلوا بها مثل فعلهم أولا فما استطاعوا ان ينقلوها من محلها وما قدروا ان يحركوها فزادهم الامام رجالا وأمرهم ان يكبروا فكبروا المسلمون وكبر الامام ثلاثا واطلقوا الحبال من أيديهم فانقض الحجر في الهواء وزاد ارتفاعا وله دوي كدوي الرعد وكان الامام قد قصد ناحية باب عدو الله الهجام وجويرثة فوقعت على الباب وكان ذاك الباب العظيم على قبة معقودة عظيمة قدمها وصارت حجارتها طائرة في
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»