نفسه ثم اقبل الامام على أصحابه وسار على مهل لا ن الامام كان لا يتبع منهزما فقط ولم يزالوا كذلك إلى أن اجتمع بقية القوم من كل جانب وساروا إلى أن وقفوا قريب الحصن متباعدين عنه يسيرا (قال الراوي) فلما رآهم هجام خاف قلبه واصفر لونه وارتعدت فرائصه فقال لأصحابه وقومه احتفظوا حصنكم فقد طرقهم علي بن أبي طالب برجاله وابطاله وكان مع جويرثة في طليعته أربعة آلاف فارس فدخل معه الحصن مائة وسبعون رجلا وقد قتلك بقية قومه ولم يبق منهم سوى هؤلاء من وادي الظباء إلى الحصن وامر هجام سائر من في الحصن ان يعلو على السور وكان حصنا منعا لم يكن في تلك الحصون أمتن منه ولا أوسع ولا ارفع بنا عنه وانما سمي بالمشرف لارتفاعه وعلو بنائه وطرزه وكان الرجل إذ طلع على أعلا السور ونظر يمينا يلاحظ حصن الصخر وإذا نظر شمالا يرى الحصن المنيع وكان الملك الهضام إذا طرقه طارق أو دهمه داهم أو عدو أو دار حرب بين قومه بعث باهله وأولاده وماله إلى الحصن المشرف لما يعلم من يمكنه قوته ومتانته وعلو بنيانه ومنعته (قال الراوي) ثم إن القوم لما دخلوا الحصن امتنعوا فيه وتأهبوا للقتال وعزموا عليه وحضهم وقال لهم يا قوم ان حصنكم هذا قوي ومنيع وطعامكم كثير وماءكم غزير ومع هذا فان الملك الهضام سائر إلينا بنفسه وقام عليكم فكونوا مطمئنين في حصنكم إلى أن تنظروا ما يكون من امر ملككم فأجابوه إلى ذلك وقالوا له أيها السيد نحن معك وبين يديك نقاتل بدمائنا وبأنفسنا عن حريمنا وأموالنا فنحن لا نسلم حصنا للعدو ولو قتلنا عن آخرنا ففرح هجام بقولهم ثم اقبل على جويرثة وقال بكير عليك ما نزل بك لا تهتم بذلك فانا آخذ بثارك وان كنت تجزع من الملك الهضام وإلهك المنيع فسوف أرضيهما حتى ادفع لك ابن أبي طالب فتمضي به إليهما فاجابه جويرثة في هدوء وقال يا هجام اني رأيت أبي طالب في شجاعة لم أرى مثلها في أحد من العالمين ولا فعل مثله أحد إذ كان انس ولا جن فقال هجام سوف ترى وتشوف حين أملك قبابه فبينما القوم كذلك على السور يشدد بعضهم بعضا إذ تقدم الامام وأصحابه فأقاموا بالنبال والصخور ورشقوهم بالنبال فقال الامام لا صحابه اتقوا الله عز وجل استروا بالجحف من حجارة المشركين فإنهم عالون عليكم وليس هذا الحصن كسائر الحصون واني
(٨٦)