سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٧٤
من الرجال فدعني أكون امامك وبين يديك أقاتل من قاتلك وأعادي من عاداك فقال له الامام يا قداح ان اتكلت على نصرتك فانا العاجز المؤبد لك أتخشى من قوم فارقتهم البارحة وقد ائتعنوا على سرهم ولا يضرك ان تعود إليهم وتذكر ما أمرتك به فقال القداح يا سيدي فإذا انا فعلت الذي امرتني به وخدعت به القوم وسقتهم إليك ثم ظهرت أنت من الحصن رجالك وأبطالك فيعلم عند ذلك القوم ان مبتدأ الامر والمكر والحيل مني ومنتهاه إلي فيحملوني على أطراف الأسنة ثم يقطعوني قطاعا فما أظنك الا وقد كرهت مكاني وتريد ان تبعثني لهلاكي فتبسم الامام من كلامه وتضاحك جميع أصحابه فقال الامام اللهم ارزقنا عفوك يا ارحم الراحمين ثم اقبل على القداح وقال له يا ويلك اما يؤمنك منهم بعون الله طول ناعي وهجمتي واسراعي فيشغلون بي عندك لأنني إذا نزلت في بيت فيه رجال شخصت أعينهم إلي ورجفت قلوبهم هيبة من الله عز وجل ألقاها الله في قلوبهم فسر إلى ما أمرتك به فإذا سرت فقل لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فعند ذلك نهض القداح إلى القيام فاقبل وهو لا يريد القيام فأقبل إلى مطيته فشدها واستوى راكبا ثم التفت إلى الامام وقال يا أبا الحسن ها انا ماض لأمرك فإذا رأيت القوم قد تبادروا إلي وعطفوا علي بأسلحتهم فلا يشغلك عني شاغل ولكن بأسك إلي واصلا وأبدأ بخلاصي قبل ان تبطش بهم فقال له الامام لك علي ذلك يا قداح امض وتوكل على الله فتوجه القداح سائرا فلما ولى تبسم الامام وقال لقد أعطاك الله يا قداح من الجبن نصيبا يا ويلك فلو كان لك قلب لكنت رجلا عظيما وجعل الامام يكررها مرارا ثم إن الامام التفت إلى أصحابه وقال معاشر الناس لا تزالوا في أماكنكم حتى تنظروا ما يكون من امر صاحبكم القداح فاني أراه جبانا والجبن أقبح شئ (قال الراوي) وما زال القداح سائرا إلى أن أشرف على القوم وهم سائرون نظر إليهم القداح حدث نفسه بالهروب ولكنه ثبت قلبه وقال والله اني لأحمل نفسي على المهالك ثم حرك مطيته إلى أن وصل إلى القوم فتبادرته إلى نحوه الرجال وتأملوه فإذا هو القداح رسول الملك ففرحوا بقدومه ثم سألوه عن
(٧٤)
مفاتيح البحث: الجبن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»