سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٥٦
فقال له قومه لا تستبطل قول رسول المنيع فقال لهم احفظوا حصنكم وانزلوا من داخله لئلا ينقبوه عليكم ويدهموكم فابتدروا جماعة من القوم إلى ذلك وعدو الله الخطاف يدور على سور الحصن لينظر ما وعده به رسول المنيع وهو قلقان شاخص إلى جهة الامام رضي الله تعالى عنه لا يعلم بغير ذلك بينما الامام مع أصحابه إذ لاح لهم برق نار واضرام شرار وقد بان من ناحية الشرق ولاح البرق فحقق إليه الامام وقال لمعت نار مارد نراه يتعرض لي ولا صحابي (قال الراوي) ثم إن الامام رضي الله تعالى عنه أيقظ أصحابه وأمرهم بالجلوس ورفض الامام فنظروا إلى تلك النار وهي قاصدة وشرارها متوقدة فقال جنبل بن ركيع يا أمير المؤمنين ما هذا النار فقال الامام يا قوم سكنوا روعكم وطمنوا قلوبكم فإنها نار الشيطان ولا سبيل له على أهل القرآن وجنود الرحمن فبينما الامام يخاطب قومه إذ تزايد لهيبها فما نظر الامام إلى ذلك اخذ رمحه وخط به خطا حول أصحابه وناداهم اجتمعوا ولا تتفرقوا واذكروا ربكم واصبروا ثم جعل الامام رضي الله عنه يقرا القران ويتلوا آيات الله العظام وأسمائه الكرام عند الرسم الذي خطه برمحه وهو دائرية حول أصحابه ولم يبق أحد من خارج الرسم غيره ثم قال معشر الناس اني ضربت عليكم حصنا حصينا فلا يخرج منكم أحد ومن خرج لا يلومن الا نفسه واتركوني انا لهم والله المعين والناصر عليهم انه على كل شئ قدير فقال ناقد يا أبا الحسن فالتفت الامام رضي الله عنه مبتسما غير مكترث بما ظهر وقال يا ناقد أنت أقدمك لمبارزة الرجال والابطال فليس لك طاقة على قتال الجان فقال ناقد لا والله يا أبا الحسن لا انزع الله ما أعطاك وأتم عليك ما أولاك (قال الراوي) فبينما الامام يخاطب ناقد إذ وصلت النيران إليه ثم اشتدت ودارت حوله أصحابه وصارت كالسرادق المنصوب عليهم وهي دائرة بهم من كل مكان وتزاعفت الجن بأعلى أصواتهم وصار لهم نباح كنباح الكلاب ففزع كل من كان مع الامام وخافوا وأيقنوا بالهلاك ويئسوا من أنفسهم ومال الإمام رضي الله عنه إليها بعضهم والتصقوا وأمسكوا عن
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»