سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٥٥
الهنا فقال له إبليس اجل وانا رسول بينه وبين عباده لا ني أسبق الناس إلى عبادته وخدمته فجازاني بهذه الكرامة فكونوا في امامكم حتى تروا ما يسركم من قتل عدوكم فقالوا أيها الرسول انا لنراك أضناك الكبر وانا لا نوقن ان لا طاقة لك على الحرب والنزال وشدة القتال فقال لهم إبليس لعنه الله كيف تشكون في المنيع وتقولون انه لا يقدر على شئ فقالوا انا لا نشك في ذلك ابدا ونعرف ان المنيع له عزم عظيم ولكن نريد ان نرى شيئا من برهانك لنكون على علم وتطمئن به قلوبنا فلما سمع منهم ذلك قال لهم ان المنيع لو أراد هلاك هذا الغلام قبل وصوله إليكم لفعل ذلك ولكن يريد ان يستدرجه إلى أن يوقعه في أيديكم حتى يذيقه العذاب والهوان وتنشرح صدور الرجال وتنالوا عنده المرتبة العليا والفخر الزائد العميم وبعد ذلك يهلكه فإنه ذو عزم شديد وانا أريكم بيان ذلك وبرهان المنيع الاله الرفيع وشدة قدرته ثم بسط يديه وأومأ بها إلى الحصن فخيل لهم انه قد رفع الحصن فوق إصبعه وشاله ثم عاد فوضع بين يديه فرأى القوم الحصن كما كان في مكانه فخر سجدا للجميع فقال لهم إبليس يا قوم ارفعوا رؤوسكم ثم غاب عن أعينهم فلم يروه (فقال الراوي) فعند ذلك قال لهم مروع الوحوش أبشروا يا قوم فقد جاءكم الفرج فلما سمع القوم ذلك لبسوا سلاحهم وآلة حربهم وتفرقوا في جوانب الحصن وضربوا على سوره سرداقا من جلود الفيل ونصبوا الرايات والاعلام وعزموا على الحرب والقتال وقد اصلحوا شانهم فبينما هم كذلك إذ أشرف عليه الامام رضي الله عنه وأصحابه معه على مهل وعليهم الهيبة والوقار فانحدر الامام إلى الوادي وأشرف على حصن رامق وقد أظهرت الحدائق والشمس قد اصفرت لغروبها ثم نزل وامر أصحابه بالنزول فنزلوا من حول الحصن وانسدل الظلام وأضرموا النيران وتحارس الفريقان والامام رضي الله عنه متولي حرس قومه بنفسه يحوم عليهم كحومة الليث على أشباله (قال الراوي) فقال عدو الله الخطاف مروع الوحوش لا صحابه اني لم أر رسول المنيع صنع في ابن أبي طالب شيئا وها هو نازل بايذائنا بالسلامة
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»