أسوأ حال فلما سمع ناقد قام مسرعا ووقف مع أبيه إلى منزله فقال الملك يا ابني انك وافر العقل تام الفضل وان إلهك لا يحذر الا من امر عظيم وهذا الغلام المذكور علي بن أبي طالب وانه قد شاعت بين العرب اخباره وقد ظهر انه فارس صنديد وقرم عنيد الا ان إلهك وعدك النصر عليه وأخبرك انه وحيد فريد فامض إليه وخذ من تختاره من قومك وعشيرتك وأوصيك إذا لقيته فحذره من ناري وشوقه إلى جنتي فان ركن فجد العفو عليه وابسط جناح الاحسان وان أبى فاغتنم انفراده بأنك آمن من ناصر ينصره ومعين يعينه ولا شك انك تجده حصننا الأقصى وهو حصن الوجيه نازع لامع الرعيان (قال الراوي) فعند ذلك قام ناقد على قدميه وجعل يخترق الصفوف ويتصفح وجوه الرجال وينتخب الابطال واحتار ان يأخذ من صناديد القوم الف فارس فلما لا ح ضياء الفجر خرج ناقد وقومه قد تزينوا بزينتهم المدخرة عندهم ولبسوا فوق رؤوسهم التيجان المرصعة باليواقيت والجواهر المثمنة وركبوا الخيول العربية وناقد بن الملك الهضام أكثر منهم زينة وله ذوائب تبلغ إلى مؤخرة سرجه وهو مقلد بسيفين عن يمينه وعن شماله وبيده رمح خطي فلما تكامل أصحابه وعزموا على المسير ركب أبوه يشيعه ويوصيه ويحرصه على الامام رضي الله عنه إلى أن يعدلوا عن الحصن فرجع الملك إلى حصنه وصار ناقد وهو يجد المسير فبينما هو سائر إذ لاحت غبرة عظيمة فتأملها وقال لقومه ما تكون هذه الغبرة العظيمة فقالوا لعل ان تكون غبرة رمال أو ظباء شاردة أو زوابع عاقدة فقال لهم ناقد لو كانت كما تقولون لكانت منفرجة وهذه عقدة معتقدة فتأملوها جميعا فقال بعضهم وحق المنيع ان هو الا جيش وقال بعضهم غير ذلك فتحير القوم من ذلك ووقفوا جميعا فبينما القوم وقفوا متحيرون إذا انكشف الغبار ولا حت الأسنة ولمعانها وهي تبرق كالبرق وكواكبها زاهية فذهل القوم من ذلك ولم يعلموا انه جيش الإمام علي رضي الله عنه وكان الامام قد نظر من بعيد فقال لقومه يا قوم لا ترون ما أرى فقالوا يا ابن عم رسول الله ما ترى قال أرى جيشا كبيرا فتأمل القوم فنظروا جيش ابن الملك فقال يا معشر المسلمين لا شك ان أصحاب الحصون
(٤٧)