سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٥٤
العسكر فقاتل قتالا عظيما فلما ولت أصحابه ولى طالبا للحصن فدخل الحصن هو وأصحابه ثم إن الامام جمع الغنائم وكثرت المسلمون واشتدوا بناقد وعزمه وقوته وصار المسلمون نحوا من الف وخمسمائة فارس وكلهم ابطال عوابس فتبعوا أصحاب الخطاف ولم يزالوا معهم إلى باب الحصن فدخلوا الحصن وأغلقوا بابه ونزلت المسلمون عليه بقية يومهم وقد امتلأت الحصون بذكر الامام وقد قذف الله في قلوبهم الرعب (قال الراوي) ثم إن الخطاف لما دخل الحصن قال أصحابه يا سيداه ما وراءك وما الذي دهاك وبشره رماك فكان لا يقدر ان يرد جوابا من شدة الخوف فقال لهم اغلقوا الباب وحصنوا أنفسكم ففعلوا ما أمرهم به وهو جالس فلما سكن روعه سألوه ما دهاك قال يا قوم قد ذهب زمانكم فقالوا أيها السيد بين لنا ما وراء كلامك فقد أرعبت قلوبنا من خطابك فقال يا قوم قد دهمتكم المحمديون وهم ليوث ابطال يقدمهم الليث المغوار الذي كأنه صاعقة من السماء قد نزلت واخذت قلوب الرجال مفلق الهام وقد احتوى على ناقد بن الملك واتباعه وقد خطفه من سرجه فانظروا لا نفسكم فان عليا لاحق بكم (قال الراوي) فلما سمع قومه ذلك ضجوا بالبكاء ضجا شديدا وتصارخوا بالويل والعويل فبينما هم كذلك في صراخهم إذ ظهر إبليس اللعين في صورة شيخ كبير قد أفناه الزمان منحني تكاد جبهته تصل إلى الأرض وعليه جبة صوف في شكل الرهبان وبيده عكاز ووسطه مشدود بخيط من صوف وفي رجليه نعلا ن من خوص النخل فلما نظره القوم تنافروا يمينا وشمالا يصرخ بهم ما تنازكم وانا رسول المنيع أرسلني إليكم حتى أرى ما بكم من الجزع وشدة القلق الفزع لأسكن قلوبكم وابرز لقتال عدوكم فأزيل عنكم الشدة وابطال البكاء والحزن من الأعداء وإذا أشرف عليكم هذا الغلام أتولى انا قتاله دونكم ولا أريد منكم بصيرا ولا معيا أو إذا رأيتموني قد وصلت إليه واحتوية عليه وقد ظهر المنيع بجنوده ونيرانه ودخانه فمن أراد ان يسبق إلى خيل القوم وسلاحهم فليبادر إلى ما شاء فلما سمع القوم سجدوا للصنم ثم رفعوا وزاد فرحهم قال مروع الوحوش أيها الشيخ اني لا ظنك من جند المنيع
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»