بحيث لم ينج من رجال الموصل من كثرتهم إلا نحو أربعمائة رجل صدموا الجند فأفرجوا لهم، فلما كان الليل سمع صراخ النساء اللاتي قتل رجالهن فأمر من الغد بقتلهن، فأقام رجاله ثلاثة أيام يقتلون النساء والصبيان، وكان في عسكره قائد معه أربعة آلاف عبد زنجي، فأخذوا النساء قهرا، فلما فرغ إبراهيم من قتل الناس في اليوم الثالث ركب في اليوم الرابع وبين يديه الحراب والسيوف المسلولة، فأخذت امرأة بلجام دابته فأراد أصحابه قتلها فكفهم عنها، فقالت له: ألست من بني هاشم، ألست ابن عم رسول الله؟
أما تأنف للعربيات المسلمات أن ينكحهن الزنوج، فلم يجبها وبعث معها من بلغها مأمنها، ثم جمع من الغد الزنوج للعطاء وقتلهم عن آخرهم، ثم أمر بأن لا يترك في الموصل ديك إلا ذبح ولا كلب إلا عقر، فنفذ ذلك، فكانت هذه الفعلة لم نسمع بأقبح منها (1).
إلا ما كان من السفاح فإن زوجته أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد بن عمر بن مخزوم المخزومية قالت له: يا أمير المؤمنين لأي شئ استعرض ابن أخيك أهل الموصل بالسيف؟
فقال لها: وحياتك ما أدري.
ولم يكن عنده من إنكار هذا الأمر الفظيع سوى هذا، ولعمري لقد فاق فرعون في فساده وأربى عليه في عتوه وعناده، وأن السفاح بما فعله ابن أخيه قد صار يسوم أمة محمد صلى الله عليه وسلم من سوء العذاب أشد وأقبح ما كان فرعون يسوم بني