" قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر " أي هذا من فضل الله علي وفضله على عبيده ليختبرهم على الشكر أو خلافه " ومن شكر فإنما يشكر لنفسه " أي إنما يعود نفع ذلك عليه " ومن كفر فإن ربي غني كريم " أي غنى عن شكر الشاكرين ولا يتضرر بكفر الكافرين.
ثم أمر سليمان عليه السلام أن يغير حلى هذا العرش وينكر لها ليختبر فهمها وعقلها ولهذا قال: " ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون. فلما جاءت قيل: أهكذا عرشك؟ قالت كأنه هو " وهذا من فطنتها وغزارة فهمها، لأنها استبعدت أن يكون عرشها لأنها خلفته وراءها بأرض اليمن، ولم تكن تعلم أن أحدا يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب. قال الله تعالى إخبارا عن سليمان وقومه: " وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين. وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين " أي ومنعها عبادة الشمس التي كانت تسجد لها هي وقومها من دون الله اتباعا لدين آبائهم وأسلافهم لا لدليل قادهم إلى ذلك ولا حداهم على ذلك.
وكان سليمان قد أمر ببناء صرح من زجاج وعمل في ممره ماء، وجعل عليه سقفا من زجاج، وجعل فيه من السمك وغيرها من دواب الماء، وأمرت بدخول الصرح وسليمان جالس على سريره [فيه (2)] " فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين " وقد