قاطعة أمرا حتى تشهدون " تعني ما كنت لابت أمرا إلا وأنتم حاضرون " قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد " يعنون لنا قوة وقدرة على الجلاد والقتال ومقاومة الابطال، فإن أردت منا ذلك فإنا عليه من القادرين " و " مع هذا " الامر إليك فانظري ماذا تأمرين " فبذلوا لها السمع والطاعة وأخبروها بما عندهم من الاستطاعة، وفوضوا إليها في ذلك الامر لترى فيه ما هو الأرشد لها ولهم.
فكان رأيها أتم وأشد من رأيهم، وعلمت أن صاحب هذا الكتاب لا يغالب ولا يمانع ولا يخالف ولا يخادع " قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون " تقول برأيها السديد:
إن هذا الملك لو قد غلب على هذه المملكة لم يخلص الامر من بينكم إلا إلي ولم تكن الحدة والشدة والسطوة البليغة إلا علي " وإني مرسلة إليهم فناظرة بم يرجع المرسلون " أرادت أن تصانع عن نفسها.
وأهل مملكتها بهدية ترسلها وتحف تبعثها، ولم تعلم أن سليمان عليه السلام لا يقبل منهم والحالة هذه صرفا ولا عدلا، لانهم كافرون، وهو وجنوده عليهم قادرون.
" و " لهذا " لما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون " هذا وقد كانت تلك الهدايا مشتملة على أمور عظيمة، ذكره المفسرون.
ثم قال لرسولها إليه ووافدها الذي قدم عليه والناس حاضرون يسمعون " ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم