إلى السلوك في الدرب المألوف، وجعل يورى زناده فلا يورى شيئا، واشتد الظلام والبرد.
فبينما هو كذلك إذ أبصر عن بعد نارا تأجج في جانب الطور - وهو الجبل الغربي منه عن يمينه - " فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا " وكأنه والله أعلم رآها دونهم، لأن هذه النار هي نور في الحقيقة، ولا يصلح رؤيتها لكل أحد، " لعلي آتيكم منها بخبر " أي [لعلي (1)] أستعلم من عندها عن الطريق " أو جذوة من النار لعلكم تصطلون " فدل على أنهم كانوا قد تاهوا عن الطريق في ليلة باردة ومظلمة، لقوله في الآية الأخرى: " وهل أتاك حديث موسى * إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا، لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى (2) " فدل على وجود الظلام وكونهم تاهوا عن الطريق. وجمع الكل في سورة النمل في قوله: " إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سأتيكم منها بخبر، أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون " وقد أتاهم منها بخبر وأي خبر، ووجد عندها هدى وأي هدى، واقتبس منها نورا وأي نور؟!.
* * * قال الله تعالى: " فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين ".
وقال في النمل: " فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين " أي سبحان الله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد " يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم ".