وقد روى الحافظ ابن عساكر بإسناد إلى السدى: أن الخضر وإلياس كانا أخوين، وكان أبوهما ملكا، فقال إلياس لأبيه: إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك، فلو أنك زوجته لعله يجئ منه ولد يكون الملك له، فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر، فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء، فإن شئت أطلقت سراحك، وإن شئت أقمت معي تعبدين الله عز وجل وتكتمين علي سري. فقالت نعم، وأقامت معه سنة.
فلما مضت السنة دعاها الملك، فقال إنك شابة وابني شاب فأين الولد؟
فقالت: إنما الولد من عند الله، إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن. فأمره أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيبا قد ولد لها، فلما زفت إليه قال لها كما قال للتي قبلها، فأجابت إلى الإقامة عنده. فلما مضت السنة سألها الملك عن الولد، فقالت: إن ابنك لا حاجة له بالنساء، فتطلبه أبوه فهرب، فأرسل وراءه فلم يقدروا عليه. فيقال إنه قتل المرأة الثانية لكونها أفشت سره، فهرب من أجل ذلك، وأطلق سراح الأخرى.
فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة، فمر بها رجل يوما فسمعته يقول: بسم الله. فقالت له أني لك هذا الاسم؟ فقال إني من أصحاب الخضر، فتزوجته فولدت له أولادا. ثم صار من أمرها أن صارت ماشطة بنت فرعون، فبينما هي يوما تمشطها إذ وقع المشط من يدها فقالت:
بسم الله. فقالت ابنة فرعون: أبى؟ فقالت: لا، ربي وربك ورب أبيك الله. فأعلمت أباها فأمر بنقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها فألقيت فيها.
فلما عاينت ذلك تقاعست أن تقع فيها، فقال لها ابن معها صغير: يا أمه اصبري فإنك على الحق. فألقت نفسها في النار فماتت، رحمها الله.