وهذا يوم بدر يقول الصادق المصدوق فيما دعا به لربه عز وجل، واستنصره واستفتحه على من كفره: " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض "، وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ، وسادة الملائكة حتى جبريل عليه السلام، كما قال حسان بن ثابت في قصيدة له، في بيت يقال إنه أفخر بيت قالته العرب:
وببئر (1) بدر إذ يرد وجوههم * جبريل تحت لوائنا ومحمد فلو كان الخضر حيا، لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته وأعظم غزواته.
قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي: سئل بعض أصحابنا عن الخضر: هل مات؟ فقال نعم. قال وبلغني مثل هذا عن أبي طاهر بن الغباري قال: وكان يحتج بأنه لو كان حيا لجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نقله ابن الجوزي في العجالة.
فإن قيل: فهل (2) يقال إنه كان حاضرا في هذه المواطن كلها ولكن لم يكن أحد يراه؟ فالجواب: أن الأصل عدم هذا الاحتمال البعيد الذي يلزم منه تخصيص العموميات بمجرد التوهمات. ثم ما الحامل (3) له على هذا الاختفاء؟ وظهوره أعظم لاجره وأعلى في مرتبته وأظهر لمعجزته؟ ثم لو كان باقيا بعده، لكان تبليغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم