نادرا فالظاهر أن الأئمة (ع) وأصحابهم كلهم قد اكتفوا بما هو معلوم عند أغلب الناس بأدنى التقات إلى نسية بلده مع مكة زادها الله شرفا إما الكثرة التردد أو بملاحظة أوضاع النجوم من الشمس والقمر وغيرها من الكواكب لا على وجه الدقة في علم الرصد أم التقليد من رصدي دقيق بل كملاحظتها عند القصد إلى تعيين جهات ساير البقاع والبلاد عند إرادة السير إليها في البر والبحر لا عند الإشارة إلى جهتها تسامحا التميز جهتها من بين الجهات الأربع حتى يرجع ذلك إلى ما بين المشرق والمغرب فتدبر نعم لو علم أو ظن سمت القبلة بأزيد من ذلك فالظاهر عدم جواز التعدي عنه بحيث يصح السلب عرفا ولا بأس باليسير ولو عجز عن معرفة أزيد ما بين المشرق والمغرب علما [أو غنا] فلا يبعد أيضا القول باكتفائه بالصلاة إلى أي جزء شاء ولا يجب عليه تكرار الصلاة وان قلنا بالتكرار للمتحير لاختصاص دليله بالمتحير في أربع جوانب مع أنه لا يبعد ان يكون الوجه في الاقتصار على الأربع ادراك ما بين المشرق والمغرب وهو حاصل للمكلف في مفروض مسئلتنا مضافا إلى ما سيجئ من الروايات المعتبرة في المتحير ومخالفتها للمشهور فيما نحن فيه غير معلومة إذ لعل مقصودهم من التكرار في محله ادراك الجهة المذكورة المفروض حصولا لهذا الشخص والحاصل ان القدر المخالف النصوص والفتاوى والسيرة وهو كون ما بين المشرق والمغرب قبلة حتى بالنسبة إلى العالم أو المتمكن من تميز الجهة الخاصة علما أو ظنا دون غيره كالمتحير والناسي والظان و غير ذلك وسيجئ تمام الكلام في مسألة التحير ويستحب الاستقبال في النوافل تارة كاستحباب الطهارة فيها كما إذا فعلت مع الاستقرار واخرى كاستحباب السورة كما إذا صلت غير مستقر ولذا يصلى مع الاختيار على الراحلة سفرا ولو مع الاستدبار اجماعا نصا وفتوى وحضرا على المشهور كما قيل ونسبه اخر إلى الشيخ والمتأخرين وعن الخلاف دعوى الاجماع عليه والاخبار به مع ذلك مستفيضة ففي صحيحة الحلبي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن صلاة النافلة على البعير والدابة قال نعم حيث ما كان متوجها قلت استقبل القبلة إذا أردت التكبير قال لا ولكن تكبر حيثما كان متوجها وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحيحة ابن الحجاج انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى النوافل في الأمصار وهو على دابة حيثما توجهت قال لا باس ونحوها صحيحة حماد بن عثمان وفي صحيحة أخرى لابن الحجاج عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة أو كنت مستعجلا بالكوفة قال إذ كنت مستعجلا لا تقدر على النزول وتخوف فوت ذلك ان تركته وأنت
(٣٦)