الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٣٨
عبد الله بشط الفرات. قال: قلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت: من أغضبك يا رسول الله، ما لعينيك؟
قال: بل قام من عندي جبرائيل (عليه السلام) آنفا فأخبرني أن الحسين (عليه السلام) يقتل بشط الفرات، وهل لك أن أشمك من تربته، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا (1).
وروي أن عيسى (عليه السلام) مر بأرض كربلاء فرأى عدة من الظباء هناك مجتمعة، فأقبلت واحدة منهن إليه وهي تبكي، فجلس وجلس الحواريون وبكى وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى.
فقالوا: يا روح الله ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أي أرض هذه؟ قالوا: لا. قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحمد، وفرخ الحرة الطاهرة البتول شبيهة أمي ويلحد فيها، وهي أطيب رائحة من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا يكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء (عليهم السلام)، وهذه الظباء تكلمني وتقول إنها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك. ثم ضرب بيده إلى بعر تلك الظباء فشمها وقال: اللهم أبقها أبدا حتى يشمها أبوه فيكون له عزاء وسلوة. وبكى (2).
وروى مشيخة المخالفين، عن شيخ لأصحاب الحديث بالري يعرف بأبي علي بن عبدويه، ويروون عن شيخ لهم بإصفهان يعرق بأبي بكر بن مردويه بإسناده عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: كنت مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) في خرجته إلى صفين، فلما نزل نينوى قال بأعلى صوته: يا بن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قلت:
ما أعرفه. قال: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال: فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره وهو يقول: آوه آوه مالي ولآل أبي سفيان، ومالي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر، صبرا يا أبا عبد الله فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة

(١) مثير الأحزان: ص 18.
(2) الأمالي للشيخ الصدوق: ص 479 المجلس 87 جزء من ح 5.
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»