الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٤٣
ابن زياد. فقال له سرجون: أرأيت معاوية لو نشر لك أكنت آخذا برأيه؟ قال: نعم.
قال: فأخرج سرجون عهد عبيد الله بن زياد على الكوفة وقال: هذا رأي معاوية، فضم المصرين إلى عبيد الله بن زياد. فقال يزيد: أفعل. وكتب إليه بولايته على الكوفة مع البصرة (1)، وأمره أن يدس إلى مسلم حتى يأخذه.
وخرج عبيد الله بن زياد حتى أتى الكوفة فدخلها متلثما، فجعل يمر بمجالسهم ويسلم عليهم فيردون عليه: وعليك السلام يا ابن رسول الله، وهم يظنون أنه الحسين (عليه السلام). فنزل القصر ودفع إلى مولى له يقال له معقل أربعة آلاف درهم وقال له: تعرف موضع مسلم بن عقيل، فإذا لقيته فادفع إليه المال وقل له:
تستعين به على أمرك. فخرج وفعل ذلك ثم رجع إلى ابن زياد فأخبره بتحول مسلم إلى منزل هاني بن عروة.
ودخل على ابن زياد وجوه أهل الكوفة ومعهم عمرو بن حريث ومحمد بن الأشعث وشريح بن هانئ، فقال لهم: أين هانئ بن عروة؟
فخرج حريث حتى أتى هانئا وقال له: إن الأمير ذكرك. فقال: مالي وللأمير.
ولم يزل به حتى ركب إليه. فلما رآه عبيد الله قال له: أين مسلم بن عقيل؟ قال:
والله ما أنا دعوته، ولو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه. فرماه بعمود كان معه فشجه.
وبلغ إلى مسلم خبره فخرج بمن عنده من الرجال فرأوا قومهم وأشرافهم عند ابن زياد فانصرفوا عنه حتى ما أمسى معه إلا أربعمائة، فجاء أصحاب ابن زياد فقاتلهم مسلم قتالا شديدا حتى اختلط الظلام، فتركوه وحده، فخرج متوجها نحو أبواب كندة، فالتفت فإذا هو لا يحس أحدا يدله على الطريق، فمضى على وجهه لا يدري أين يذهب حتى خرج إلى دور بني جبلة من كندة، فمضى حتى انتهى إلى باب امرأة يقال لها طوعة، وهي واقفة تنتظر ولدها بلالا، فسلم عليها واستسقاها ماء، فسقته وجلس، وأدخلت الإناء ثم خرجت وقالت: يا عبد الله ألم تشرب ماء؟
قال: بلى. قالت: فاذهب إلى أهلك. فقام وقال لها: يا أمة الله مالي في هذا المصر

(١) الإرشاد: ص ٢٠٤ - ٢٠٥، بحار الأنوار: ج ٤٤ ص ٣٣٥ - 337 باب 37 جزء من ح 2.
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»