الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٣٩
فصلى ما شاء الله أن يصلي، ثم ذكر نحو كلامه الأول إلا أنه نعس عن انقضاء كلامه ساعة ثم انتبه فقال: يا بن عباس. فقلت: ها أنذا يا أمير المؤمنين. قال: ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ قلت: نامت عيناك ورأيت خيرا. فقال:
رأيت كأني برجال نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلدوا سيوفهم وهي بيض تلمع وقد خطوا حول هذه الأرض خطة، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض فرأيتها تضطرب بدم عبيط، وكأ ني بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه يستغيث ولا يغاث، وكأن الرجال البيض الذين نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبرا آل الرسول فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس، وهذه الجنة إليك يا أبا عبد الله مشتاقة، ثم يعزونني ويقولون:
يا أبا الحسن إبشر فقد أقر الله عينك به يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، ثم انتبهت هكذا، والذي نفسي بيده لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسم (صلى الله عليه وآله) قال: وإني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا، وهذه أرض كرب وبلاء، وستذكر كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس.
ثم قال: يا بن عباس اطلب لي حولنا بعر الظباء فوالله ما كذبت ولا كذبت، وهي مصفرة لونها لون الزعفران.
قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة، فناديته: يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي. فقال علي: صدق الله ورسوله. ثم قام يهرول إليها فحملها وشمها وقال: هي هي بعينها يا بن عباس، تعلم ما هذه البعرات؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم (عليه السلام). ثم قال علي (عليه السلام): يا رب عيسى بن مريم (عليه السلام) لا تبارك في قتلته والحامل عليه والمعين عليه والخاذل له. ثم بكى طويلا وبكينا معه حتى سقط لوجهه مغشيا عليه، ثم أفاق فأخذ البعر وصره في ردائه وأمرني أن أصرها كذلك.
ثم قال لي: إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا فاعلم أن أبا عبد الله قد قتل بها ودفن.
وقال ابن عباس: لقد كنت أحفظها ولا أحلها من طرف كمي، فبينا أنا في
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»