الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٣٧
عندها فأغفلت عنه فدخل علي النبي (صلى الله عليه وآله) فاتبعته فإذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقلب شيئا في يده وعيناه مغرورقتان بالدموع. فقلت: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله. قال: ما غضب الله عليك ولا رسوله. قلت: رأيتك تقلب شيئا في يدك وعيناك مغرورقتان بالدموع. قال: أرأيت هذا لما دخل علي قال إن ابنك مقتول.
قلت: ومن يقتله؟ قال: أمتك. قلت: وهم يدينون الصلاة. قال: وهم يدينون الصلاة.
قلت: فأي مكان؟ قال: فسمى لي المكان الذي يقتل فيه وأراني قبضة من تراب اقلبه في يدي فاغرورقت عيناي بالدموع قالت أم سلمة رضي الله عنها: فأخذت ذلك التراب فرفعته عندي، فلما قتل الحسين (عليه السلام) سمعت الجن تنوح عليه ولم أسمعهم ينوحون عليه قبل ذلك، وصار التراب دما عبيطا، فقلت: لقد قتل ابني، فأمرت بذلك اليوم أن يؤرخ فوجدوه قد قتل في ذلك اليوم.
وعن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان النبي (صلى الله عليه وآله) جالسا ذات يوم في بيتي فقال: لا يدخل علي أحد، فانتظرت فدخل الحسين بن علي (عليهما السلام)، فسمعت نشيج النبي (صلى الله عليه وآله) يبكي، فأطلعت فإذا الحسين (عليه السلام) في حجره أو إلى جانبه يمسح رأسه وهو يبكي. فقلت: والله ما علمت به حتى دخل. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن جبرائيل كان معنا في البيت فقال:
أتحبه؟ فقلت: من حب الدنيا فنعم. قال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء. فتناول جبرائيل (عليه السلام) من ترابها فأراه النبي (صلى الله عليه وآله).
فلما أحيط بالحسين (عليه السلام) حين قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: أرض كربلاء. قال: صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرض كرب وبلاء.
وإنما أخبر الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) بما يكون من قتل الحسين (عليه السلام) بعياله إليه ليدرك أجر المصاب ويحوز أجزل الثواب بما يجده من الألم بقتل ولده، ولذلك أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بذلك لينال أجر الصابرين.
وعن عبد الله بن يحيى، عن أبيه أنه خرج مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى صفين وكان صاحب مطهرته، فلما حاذى نينوى قال: صبرا أبا
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»