ولا أقتل الحسين. فقال له مروان كالمستهزئ به: أصبت. ودعا الوليد الحسين (عليه السلام) وابن الزبير، فقال ابن الزبير للحسين (عليه السلام): فيم تراه بعث إلينا في هذه الساعة؟
فقال له: إني أظن أن طاغيتهم قد هلك فيريد معاجلتنا بالبيعة ليزيد الخمير قبل أن يدعو الناس، فقد رأيت البارحة فيما يرى النائم أن منبر معاوية منكوسا وداره تشتعل بالنيران.
ثم عاودهما رسول الوليد، فدخل الحسين (عليه السلام) منزله واغتسل وتطهر وصلى أربعا وعشرين ركعة ودعا واستخار الله تعالى، ثم أقبل نحو الوليد حتى انتهى إلى الباب، فأذن له، فدخل وسلم، فرد الوليد عليه وقال له: هذا كتاب أمير المؤمنين يزيد بن معاوية. فنظر فيه الحسين (عليه السلام) وقال: إلى غد وننظر. فقال له: انصرف حتى تأتينا مع الناس. فقال له مروان: والله لئن فارقك ولم يبايع الآن لم تقدر عليه أبدا، احبسه حتى يبايع أو تضرب عنقه. فقال له الحسين (عليه السلام): يا بن الزرقاء هذا يقتلني وأنت معه. فقال الوليد: ويحك يا مروان ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بقتل الحسين (1).
وصرفهما مروان، ثم ندم على صرفهما وأرسل إليهما. فأما ابن الزبير فبعث بأخيه جعفر حتى لين الوليد على إتيانه من الغد، فلما جنه الليل هرب مع أخويه مصعب والمنذر.
وأتى الحسين (عليه السلام) أهل بيته فقالوا له: نحن معك حيث أخذت. فخرج من عندهم فاستقبله مروان. فقال له: يا أبا عبد الله أطعني وبايع أمير المؤمنين يزيد.
فاسترجع الحسين (عليه السلام) وقال له: ويلك يا مروان أمثلك يأمرني بطاعته وأنت اللعين بن اللعين على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فراده مروان، فخرج مغضبا (2).
ثم دخل على ابن الحنفية فودعه وبكيا حتى اخضلت لحاهما، وتهيأ ابن الحنفية للخروج معه، فأمره بالتخلف ينتظر ما يرد عليه من أمره.