الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٢٧
بوحي من رب العالمين. فلما سرى عنه قال: أتاني جبرائيل عن ربي عز وجل فقال لي: يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست أجمعهما لك فافد أحدهما بصاحبه. فنظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى إبراهيم وبكى، ونظر إلى الحسين فبكى وقال: إن إبراهيم أمه أمة ومتى مات لم يحزن عليه غيري، وأم الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ومتى مات حزنت عليه ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه، وأنا أؤثر حزني على حزنهما يا جبرئيل بقبض إبراهيم فقد فديته للحسين به. قال: فقبض بعد ثلاث.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا رأى الحسين مقبلا قبله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقال: فديت من فديته بابني إبراهيم (عليهم السلام) (1).
حدث أبو علي الحسن بن دخيم، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: سمعت عبد الله بن عبد الله المديني، يذكر عن أبيه، عن جده وكان مولى الحسين بن علي (عليهما السلام) أن سائلا خرج ذات ليلة فتخطى أزقة المدينة حتى أتى باب الحسين ابن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وقرع الباب وأنشأ يقول:
لم يخب الآن من رجاك ومن * حرك من خلف بابك الحلقة وكان الحسين (عليه السلام) واقفا في محرابه يصلي، فأوجز في صلواته وأقبل إلى الباب فإذا هو بسائل عريان، فقال له: أيها السائل مكانك حتى أعود إليك. ودعا مولى له فقال له: يا غلام أمعك شئ؟ قال: معي ألفا درهم أعطيتنيها بالأمس أفرقها على أهلك ومواليك. قال: ائتني بها يا غلام فقد جاء من هو أحق من أهلي وموالي.
وكان عليه بردتان يمانيتان، فشد الألفين في إحدى البردتين ودفعها إلى السائل وأنشأ يقول:
خذها فإني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقة (2) فأخذها السائل وأنشأ يقول:
مطهرين نقيات ثيابهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

(١) المناقب لابن شهرآشوب: ج ٤ ص ٨١.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 66.
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 523 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»