الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٦٦
بذلك. فقال أكثر الناس: قبلنا ورضينا وسمعنا وأطعنا. فاختار أهل الشام عمرو بن العاص، واختار الأشعث ومن رأى رأيه أبا موسى الأشعري.
فقال لهم علي (عليه السلام): إذ قد عصيتموني في أول هذا الأمر فلا تعصوني الآن، إني لا أرى لكم أن تولوا أبا موسى. فقال الأشعث ومن معه: لا نرضى إلا به.
قال: ويحكم إنه وإنه وذكر عنه أمورا، ولكن هذا عبد الله بن عباس أوليه ذلك.
قالوا: والله لا نحكم فينا مضريان.
قال: فالأشتر. قالوا: وهل هاج هذا الأمر إلا الأشتر.
فقال لهم علي (عليه السلام): فاصنعوا الآن ما أردتم.
فبعثوا إلى أبي موسى وكتبوا القضية. وقيل لأبي موسى: إن الناس قد اصطلحوا عليك. فقال: الحمد لله رب العالمين. قيل: وقد رضوا بك حكما. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وكتبت الصحيفة لأيام بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين، على أن يكون اجتماع الحكمين في موضع عدل بين الكوفة والشام. ومر الأشعث بالصحيفة يقرأها على الناس فرحا مسرورا حتى انتهى إلى مجلس بني تميم فقرأها عليهم، فقال له عروة بن أذينة: أتحكمون في دين الله وأمره ونهيه، لا حكم إلا لله وكان أول من قال وشد بسيفه على الأشعث فأصابت الضربة كفل الفرس. وكادت العصبية تقع بين اليمانية والنزارية، وتباغض القوم وتبرأ بعضهم من بعض، الأخ من أخيه والابن من أبيه، فأمر علي (عليه السلام) بالرحيل لعلمه باختلاف الكلمة وعدم النظام وتضارب القوم بالمقارع، ولام بعضهم بعضا.
وسار أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الكوفة، ولحق معاوية بالشام، وفرق عساكره فيه، والتقى الحكمان سنة ثمان وثلاثين بدومة الجندل.
وبعث أمير المؤمنين (عليه السلام) بعبد الله بن عباس وشريح بن هاني في أربعمائة رجل فيهم أبو موسى، وبعث معاوية عمرو بن العاص معه شرحبيل بن السمط في أربعمائة رجل. فلما تدانى القوم من الموضع قال ابن عباس لأبي موسى: إن عليا
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»