الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٦٤
في هذا اليوم لن يفوتني في غيره.
فلما قتل عبيد الله كلم نساؤه معاوية في جيفته، فأمرهن أن يأتين ربيعة فيبدلن لهم في جيفته عشرة آلاف، ففعلن ذلك، فاستأمرت ربيعة عليا (عليه السلام) في ذلك فقال لهم: اجعلوا جيفته لبنت هاني بن قبيصة الشيباني وأتتهم الشيبانية فألقت إليهم مطرف خز فلفوه فيه ودفعوه إليها، فمضت به.
ولما قتل عمار بن ياسر (رضي الله عنه) ومن ذكرنا من الناس حرض علي (عليه السلام) ربيعة وقال لهم: أنتم درعي ورمحي، فانتدب عشرة آلاف جادوا بأنفسهم لله تعالى، وعلي (عليه السلام) على بغلته الشهباء يقول:
من أي يومي من الموت أفر * من يوم لم يقدر أو يوم قدر وحمل وحملوا معه حملة واحدة ولم يبق صف من صفوف أهل الشام إلا انفض، وعلي (عليه السلام) يقول:
أضربهم ولا أرى معاوية * لا حرز العين العظيم الحاوية ثم قال: يا معاوية علام يقتل الناس بيني وبينك، هلم أحاكمك إلى الله عز وجل، فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور. فقال له عمرو: يا معاوية قد أنصفك والله الرجل، ولا تحسن بك إلا مبارزته. فقال له معاوية: أطمعت فيها بعدي وأقسم معاوية لا يخرج إليه غير عمرو وأن عمرا برز إليه وكشف عن سوءته.
وكان في هذا اليوم ما لم يكن في غيره قبله، وانصرف القوم يحملون قتلاهم.
ومر معاوية في خواصه بالموضع الذي كانت فيه ميمنته، فنظر إلى عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي معفرا بدمائه، وقد كان في ميسرة علي (عليه السلام)، فسأله فيه ابن عامر وكان صديقا له فوهبه له فغطاه بعمامته وحمله وواراه.
ثم نظر علي (عليه السلام) إلى غسان على مصافهم، فنادى أين أهل الصبر وطلاب الأجر؟ ثم دعا ابنه محمد بن الحنفية فدفع إليه الراية، ثم قال له، امش بها فإذا شرعت في صدورهم فأمسك حتى يأتيك رأيي. ففعل، وأتاه علي (عليه السلام) ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) وشيوخ بدر وغيرهم قد كردسهم (1) على غسان، وعادت

(١) كردس القائد خيله أي جعلها كتيبة كتيبة (لسان العرب ٦ / 195).
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»