لا خطل الرأي ولا غويا * واحفظه ربي واحفظ البنيا فيه فقد كان لنا وليا * ثم ارتضاه بعده وصيا وقال هذا لكم وليا * من بعد إذ كان بكم حفيا وأرسل علي (عليه السلام) إلى الأشتر فقال له: يا مالك لا تبدأ القوم بقتال حتى يبدؤوك، واعذر إليهم، واجعل الحجة عليهم. فوقفوا ساعة من النهار يهللون ويكبرون وينظرون أي الفريقين يكون البادئ، فتقدم محمد بن طلحة فأخذ الخطام فقبله فقالت له عائشة: من أنت؟
قال: أنا محمد بن طلحة، فما تأمريني يا أمه؟ قالت: آمرك أن تكون خير بني آدم. فخرج بسيفه يدعو للبراز، فخرج إليه المعكر بن حدير، فاختلفا ضربتين، فضربه محمد بن طلحة على هامته فقتله، وعاد إلى الخطام فقبله، ثم تقدم فدعا للبراز، فثار إليه الأشتر مسرعا كأنه أسد حل من رباطه، فلما نظر طلحة أن الأشتر قد أقبل نحو ابنه دنا منه وأخذه بيده وقال: ارجع يا بني عن هذا الأسد الضاري أما سمعت قول الله: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * (1) فلم يطعه، وبرز إلى الأشتر، فلما غشيه الأشتر بالرمح ولى هاربا، فتبعه الأشتر حتى لحقه فطعنه في صلبه طعنة أكبه بها لوجهه، ونزل إليه ليضرب عنقه، فقال له محمد:
أذكرك الله يا مالك، فرفع عنه السيف وحمله على دابته ووجهه إلى أبيه إلى عسكره، فمات من يومه، ورجع الأشتر إلى موقفه وهو يقول:
وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الكرى فما ترى العين مسلم يذكرني حميم والرمح شاجر (2) * فهلا تلا " حاميم " قبل التقدم هتكت له بالرمح جيب قميصه * فخر صريعا لليدين وللفم على غير شئ غير أن ليس تابعا * عليا ومن لا يتبع الحق يندم ولما رأى علي (عليه السلام) القوم يقتلون صبرا وتقطع أيديهم على خطام الجمل